اسم الکتاب : آیة الوضو و اشکالیة الدلالة المؤلف : الشهرستاني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 122
32 ـ أبو المعالي الجوينيّ (ت478 هـ)
اعتبر الجوينيّ الجرّ في «الأرجل» بالعطف على لفظ
«الرؤوس» والمعنى على الغسل ، والمراد : أنّ «امسحوا» عامل في «الرؤوس»
بمعناه وفي «الأرجل» بمعنى الغسل . واستدلّ لذلك بأدلّة :
الأوّل : قول سيبويه : الكلام
الجزل الفصيح يسترسل في الأحايين استرسالاً ، ولا تختلف مبانيه لأدنى
تغيير في معانيه .
وترى العربُ المسحَ قريباً من الغسل ، فإنّ كلّ واحد
منهما إمساس العضو ماءً ، فإذا جرى في الكلام عطف مقتضاه التشريك وتقارب
المعنيان ، لم يبعد اتّباع اللفظ اللفظ ، وهو كقول القائل :
* متقلِّداً سيفاً ورمحاً *
والرمح يعتقل ويتأبّط ولا يتقلّد ، ولكن التقلّد
والاعتقال حملان قريبان ، وهو مسكوت عنه في المعطوف فسهل احتماله ، ومنه
قول الآخر :
قال : وهذا وجه لا يخرج الكلام عن أساليب البلاغة
والجزالة ، وتبسط المتكلّم واستنفاره وعدم انصرافه عن استرساله في
التفصيل ، أحسن وأبلغ من خرم اتساق الكلام لدقائق[310] في المعاني لا تحتفل بها العرب[311] .
[310] .
ليس التدقيق في معنى آية الوضوء لمجرد التعرف بالاستحسان البلاغي الّذي يبتهج به
الأعرابُ في اشعارهم واقوالهم ، وانما التدقيق للوقوف على الأحكام الإلهية
المنزلة في كلامه العظيم للعمل بشرعه القويم ، فإذا لم تحتفل العرب
بذلك ، فهو من كفرهم وكونهم (وَأَجْدَرُ أَلَّا
يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ) .