ولماذا
نرى نقل أغلب المتناقضات في الأحاديث إنّما كان عن أنس وابن عبّاس وعليّ وجابر بن
عبدالله الأنصاريّ وأمثالهم .
فأن كان أنس بن مالك قد خلّط في آخر عمره وكان
يُستفتى فيفتي من عقله[510] ـ كما حكاه محمّد بن الحسن الشيبانيّ عن
أبي حنيفة ـ فكيف بابن عباس وعليّ وجابر ابن عبدالله الأنصاريّ واختلاف النقل عنهم
في الأحكام ؟
وهل إنَّهم قد خلّطوا في الأحكام ،
أو أنَّ السياسة نَسبت إليهم التناقض ، بل في بعض الأحيان التضاد ؟!
أجل
هناك علل كثيرة في سبب اختلاف النقل عن الصحابي الواحد ،
ذكرنا بعضها في المجلد الثالث من هذه الدراسة ،
عند مناقشتنا لمرويات عبدالله بن عباس ، وهناك أسباب اخرى
سنتعرض إليها في بحوثنا اللاحقة إن مّد الله في عمرنا في خير وعافيه .
رأيٌ وتنظير
لو دقّق
الباحث النظر في الأخبار لوقف على دور السياسة في تحريف كثير من الأُمور ، فقد ذكر الفخرالرازيّ في تفسيره :
(المسائل الفقهيّة المستنبطة من الفاتحة) تعارُض الروايات المنقولة عن أنس بن مالك
في البسملة وأنّه تارة يعتبرها جزءاً من السورة ،
وأُخرى ينفيها ، وثالثة يتوقّف عندها .
قال
الفخر الرازيّ :
(أقول ،
إنّ أنسا وابن المغفل خصصا عدم ذكر بسم الله الرحمن الرحيم بالخلفاء الثلاثة ولم
يذكرا عليّا ، وذلك يدلّ على إطباق الكلّ
[510] أنظر : مختصر
المؤمل في الرد إلى الأمر الأول : 63 / الخبر 149 .