بهذا
يمكننا حصر أهم دواعي الخليفة في الإتيان بالوضوء الجديد بمايلي :
1 ـ إنّ عثمان كان يرى لنفسه أهليّة التشريع ،
كما كانت للشيخين ، فإنّه ليس بأقل منهما شأنا ، فلماذا يجوز لهما
الافتاء بالرأي ولا يجوز له ؟ مع أنّهم جميعا من مدرسة واحدة هي مدرسة الاجتهاد والرأي وكل منهم
خليفة يقتدى به .
2 ـ لمّا كان عثمان من أتباع مدرسة الاجتهاد والرأي ، كان يرى لنفسه المبرّر لطرح ما يرتئيه من أفكار وتشريعها للمسلمين ، وقد طبّق بالفعل ما ارتآه من فعل الرسول ـ حسب ما حكاه هو ـ وعدّه
سنّة ، في حين أنّ ما نقله ينبئ بأنّ الفعل الثلاثيّ في الوضوء كان من
مختصّاته 0 لقوله : (هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي) بعكس المرة والمرّتين .
ويؤيّد
ما قلناه قول ابن عباس : (كان رسول الله عبدا مأمورا ما اختصنا رسول الله دون الناس بشيء إلّا
بثلاث : أمرنا أن نسبغ الوضوء ، وأن لا نأكل الصدقة ، وأن لا ننزي حمارا على فرس)[247] ، وجاء عن أنس أن النبي (كان يتوضّأ عند كلّ صلاة ، قلت : كيف أنتم تصنعون ، قال أنس : يجزئ أحدنا الوضوء ما لم يحدث)[248] .
وهذا يفهم بأمكان اختصاص النبيّ بأشياء لم تكن واجبة
على الناس مثل قيامه وتهجده ثلثي الليل وأمثالها فهي مختصة برسول الله ولا تجب على
أحد من المسلمين .
[247] سنن الترمذي 4 :
205 كتاب الجهاد باب ما جاء في كراهية أن ننزي الحمير على الخيل / ح 1701 ، مسند أحمد 1 : 225 / ح 1977 ، و 1 : 249 ، ح 2238 .
[248] صحيح البخاري 1 : 87 / باب الوضوء من
غير حدث / ح 211 .