تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ، قَالَ: كُنْ مَاءً عَذْباً أَخْلُقْ مِنْكَ جَنَّتِي وَ أَهْلَ طَاعَتِي، وَ كُنْ مِلْحاً أُجَاجاً أَخْلُقْ مِنْكَ نَارِي وَ أَهْلَ مَعْصِيَتِي، ثُمَّ (أَمَرَهُمَا فَامْتَزَجَا)[1] فَمِنْ ذَلِكَ صَارَ يَلِدُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ، وَ الْكَافِرُ الْمُؤْمِنَ.
ثُمَّ أَخَذَ طِيناً مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ وَ عَرَكَهُ عَرْكاً شَدِيداً فَإِذَا هُمْ كَالذَّرِّ يَدِبُّونَ، فَقَالَ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ: إِلَى الْجَنَّةِ بِسَلَامٍ، وَ قَالَ لِأَصْحَابِ الشِّمَالِ: إِلَى النَّارِ وَ لَا أُبَالِي، ثُمَّ أَمَرَ نَاراً فَأُسْعِرَتْ، فَقَالَ لِأَصْحَابِ الشِّمَالِ: ادْخُلُوهَا فَهَابُوهَا، وَ قَالَ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ: ادْخُلُوهَا، فَدَخَلُوهَا فَقَالَ: كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً، فَكَانَتْ بَرْداً وَ سَلَاماً، فَقَالَ أَصْحَابُ الشِّمَالِ: يَا رَبِّ أَقِلْنَا، قَالَ: قَدْ أَقَلْتُكُمْ فَادْخُلُوهَا، فَذَهَبُوا[2] فَهَابُوهَا.
فَثَمَّ ثَبَتَتِ الطَّاعَةُ وَ الْمَعْصِيَةُ، فَلَا يَسْتَطِيعُ هَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونُوا مِنْ هَؤُلَاءِ، وَ لَا هَؤُلَاءِ، أَنْ يَكُونُوا مِنْ هَؤُلَاءِ»[3].
[440/ 2] وَ بِالْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ زُرَارَةَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنْ قَوْلِهِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ[4] الْآيَةَ، فَقَالَ- وَ أَبُوهُ يَسْمَعُ-: «حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ قَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابِ التُّرْبَةِ الَّتِي خَلَقَ مِنْهَا آدَمَ ع فَصَبَّ عَلَيْهَا الْمَاءَ الْعَذْبَ الْفُرَاتَ، ثُمَّ تَرَكَهَا أَرْبَعِينَ صَبَاحاً، ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهَا الْمَاءَ الْمَالِحَ الْأُجَاجَ فَتَرَكَهَا أَرْبَعِينَ صَبَاحاً، فَلَمَّا اخْتَمَرَتِ الطِّينَةُ أَخَذَهَا فَعَرَكَهَا عَرْكاً
[1] في نسخة« س»: أمرهما أن امتزجا فامتزجا.
[2] في نسخة« س» زيادة: أن يدخلوها.
[3] الكافي 2: 6/ 1، و أورده البرقيّ في المحاسن 1: 438/ 418.
[4] الأعراف 7: 172.