وزعم بعضهم أنّ جعفر بن علي استحق الإمامة من أبيه علي بن محمّد
بالوراثة والوصية، دون أخيه الحسن، ثمّ نقلوها في ولد جعفر بالوراثة والوصية.
وكلّ هذه الفرق يتشاحون على[558] الإمامة ويكفِّر بعضهم بعضًا،
ويكذب بعضهم بعضًا، ويبرأ بعضهم من إمامة بعض، وتدّعي كلّ فرقة الإمامة لصاحبها
بالوراثة والوصية، وأشياء من علوم[559] الغيبِ الخرافاتُ[560] أحسن منها، ولا دليل لكلّ
فرقة -فيما تدّعي وتخالف الباقين- غير الوراثة والوصية، دليلُهُم شهادتُهم لأنفسهم
دون غيرهم، قولًا بلا[561] حقيقة، ودعوى بلا دليل.
فإن كان ههنا دليل -فيما تدّعي كلّ طائفة- غير الوراثة
والوصية وجب إقامته، وإن لم يكن غير الدعوى للإمامة بالوراثة والوصية فقد بطلت
الإمامة؛ لكثرة مَن يدّعيها بالوراثة والوصية، ولا سبيل إلى قبول[562] دعوى طائفة دون الأُخرى إن
كانت الدعوى واحدة، ولا سيّما وهم في إكذاب بعضهم بعضًا مجتمعون، وفيما تدّعي كلّ
فرقة منهم منفردون.
فأقول -والله الموفق للصواب-:
[مقدّمة:]
لو كانت الإمامة تبطل لكثرة من يدّعيها، لكان سبيل
النبوة سبيلها؛ لأنّا نعلم أنّ خلقًا قد ادّعاها.