. . . . . . . . . . _______________________________________ فان
الوجوب لا ينافي التمليك، فلو تنجس مسجد مثلاً، لأحد أن يؤجر غيره في
تطهيره، وان كان التطهير واجباً على الاجير نفسه أيضاً. بل الامر كذلك حتى
لو كان العمل المستأجر عليه عبادياً، فان قصد القربة كما تقدم في الاجارة
لا ينافي كون العمل مملوكاً للغير، ويسلمه إليه مع قصد القربة، إلاّ في
موارد دل الدليل على عدم جواز أخذ الاجرة عليه كالاذان وتجهيز الميت، لما
تقدم في محله من أن المستفاد من الروايات أن تجهيز الميت من الغسل والكفن
والدفن واجبٌ على المؤمنين حقاً للميت عليهم، فلا يجوز أخذ الاجرة عليه، بل
الامر كذلك بالنسبة إلى الافتاء والتبليغ، فان ذلك من مناصب النبي صلّى
اللّه عليه وآله وسلم والأئمّة عليهم السلام من بعده، والعلماء من بعدهم.
وكل من كان عالماً بالحكم عليه التبليغ (قُل لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً)[1]، (إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ)[2]، (وَمَا تَسئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ)[3]، فإنّ المستفاد من ذلك والمقطوع به أن التبليغ وظيفة كل مكلف، وليس له مطالبة الاجرة.
وأما مسألة القضاء فلم يثبت فيه ذلك إلاّ دعوى الإجماع كما تقدّم وهي غير
ثابتة والمقدار الثابت أنه لا بد من القيام بهذا العمل، فله مطالبة الاجرة[4] فإنّ أديت إليه فهو، وإلاّ فيجب عليه القضاء إن كان واجباً تعيينيّاً
[1] الانعام: 90. [2]الشعراء: 109، 127، 145، 164، 180. [3]يوسف: 104. [4]لأن عمل المسلم محترم.