نعم، يمكن التمسّك باستصحاب وجود الأداء الثابت قبل التعذّر، بأن يقال: إنّ التعذّر لا يوجب سقوط الوجوب، بل الوجوب على فعليّته في الأعذار العقليّة، غاية الأمر أنّ المكلّف معذور في مخالفته، و قد قرّرنا في محلّه أنّ التكاليف القانونيّة لا تخرج عن الفعليّة بواسطة الجهل و العذر، و أنّ مبادئ جعل القوانين الكلّية و غاياتها غيرهما في توجّه التكليف إلى الأشخاص [1]، فراجع.
فحينئذٍ لو علمنا بأن لا مزاحم للتكليف إلّا العذر العقلي، و هو علّة منحصرة، فلا يبقى شكّ في ثبوت التكليف، و لو احتملنا أنّ المساوق للعذر تحقّق علّة لسقوطه فيستصحب بقاؤه.
و أمّا استصحاب عدم التكليف فغير جارٍ؛ لأنّ العذر العقلي لا يوجب السقوط، فبقي احتماله، فلا متيقّن حتّى يستصحب.
و لو قلنا بسقوط التكليف بالأعذار، فمع العلم بكون العذر علّة منحصرة و لا علّة غيره، فمع رفع العذر لا يبقى شكّ، و مع احتمال عدم الانحصار، و مقارنة العذر لعلّة اخرى له، يجري استصحاب عدم التكليف، و بقاء السقوط على حاله، و لا يجري استصحاب الوجوب؛ لانتقاضه باليقين بالسقوط.
و لعلّ مراد الشيخ الأعظم (قدّس سرّه): «من جريان استصحاب الوجوب، و عدم جريان استصحاب عدمه» [2] ما ذكرناه، و إلّا فيرد عليه إشكال ظاهر؛ إذ بعد البناء على سقوط الوجوب، لا وجه لاستصحابه.
السادس: عدم رجوع الغرامة إلى ملك الغارم برجوع العين
لو رجعت العين التالفة عرفاً، كما لو خرج ما في البحر بواسطة الأمواج،