و لما يكون بابا من أبواب الباطل و هو سائر المعاصي، و لهذا أطلق الباطل على كثير منها في الأخبار كالقمار و الشطرنج و السماع و نحوها:
ففي رواية الفضيل قال: سألت أبا جعفر- عليه السلام- عن هذه الأشياء التي يلعب بها الناس: النرد و الشطرنج حتى انتهيت إلى السدر [1]، فقال: «إذا ميّز اللّه الحقّ من الباطل مع أيّهما يكون؟» قلت: مع الباطل، قال: «فما لك و للباطل»؟ [2]
و قد فسّر قوله تعالى لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ بالسرقة و القمار و نحوهما [3].
وجه الدلالة على البطلان أنّ الظاهر كما قالوا أنّها سيقت لإفادته، مضافا إلى أنّ العرف يرى التنافي بين تحريم المعاملة و مبغوضيّتها، و بين تنفيذها و إيجاب الوفاء بها. هذا في غير بيع الخمر و التمر ممّن يشتري للتخمير، و أمّا فيه فالظاهر من الروايات المستفيضة الحاكية للعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الطوائف الدخيلة في شرب الخمر، مبغوضيّة اشتراء العنب للتخمير و لو بإلغاء الخصوصيّة عرفا لو لم نقل بفهم العرف منها مبغوضيّة البيع ممّن يعلم أنّه يجعله خمرا.
و مع مبغوضيّة الاشتراء، أو هو مع البيع بعنوانهما، يستبعد تنفيذ المبايعة بل يكون الجمع بينهما من قبيل الجمع بين المتنافيين عرفا، و قد عرفت أنّ الحرمة فيها ليست مقدّمية [4].
و الفرق بينه و بين ما تقدّم من تصحيح البيع المنطبق عليه عنوان محرّم،
[1] في المجمع، السدر كعبر لعبة للصبيان (منه- قدّس سرّه-).
[2] الوسائل 12- 242، كتاب التجارة، الباب 104 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 3.
[3] الآية الكريمة في سورة النساء (4)، رقمها: 29. راجع جوامع الجامع 1- 251 (ط. القديم: 84).
و راجع أيضا مجمع البيان 4- 3- 59، و تفسير أبي الفتوح الرازي 3- 369.