و الجدير بالذكر أنّ الإمام- قدّس سرّه- يرى في هذا المجال أنّ ما ذكره في بيع السلاح لأعداء الدين هو لحن الروايات و الأحاديث مع ملاحظة زمان صدور هذه الرواية و كيفية سؤال الراوي و أنّه لم يدل بما هو خارج عن حدود الروايات و نطاقها.
فما أبداه و استنبطه متقن و محكم و في غاية الإحكام و الإتقان إلى درجة أنّه إذا فرض إطلاق للرواية وجب- لدى التعارض بين الأخبار- تقييدها أو ردّها.
قال- قدّس سرّه-:
بل لو فرض إطلاق لبعضها يقتضي خلاف ذلك أي يقتضي جواز البيع فيما خيف الفساد، و هدم أركان الإسلام أو التشيع، أو نحو ذلك، لا مناص عن تقييده أو طرحه أو دلّ على عدم الجواز فيما يخاف في تركه عليهما كذلك لا بدّ من تقييده و ذلك واضح [1].
إنّ ما يثير الإعجاب بمؤلفّنا العظيم لدى مراجعته لبحث بيع السلاح لأعداء الدين هو أنّ الإمام- قدّس سرّه- لم يبحث هذه المسألة الهامّة من زاوية البيع و الشراء العاديين فقط (و هو الحقّ) لأنّنا نرى في الزمان الحاضر أنّ ما يرتبط بمصير الشعوب و المجتمعات الإنسانية هو المقدرة العسكرية و عدم المقدرة، إذ ما أكثر الدول التي تتساقط و تتهاوى في زماننا الحاضر مع أنّها في القمة من الناحية الاقتصادية و الثقافية.
بل أنّه- رحمه اللّه- يعتبر هذه المسألة من شؤون الحكومة الإسلامية، و بهذا يخرج هذه المسألة من نطاق ضيق فردي إلى إطارة الطبيعي الواسع في عصرنا الحاضر، و يبحث في هذه المسألة في مستوي رفيع يرتبط بمصير الأمّة بعد أن كانت تبحث في مستوي محدود لا يهمّ إلّا الأفراد و الأشخاص لا الدول و الجماعات.