responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صحيفة الإمام( ترجمه عربى) المؤلف : الخميني، السيد روح الله    الجزء : 1  صفحة : 249

رسالة

التاريخ: 29 دي 1342 ه-. ش/ 3 رمضان 1383 ه-. ق‌

المكان: طهران‌

الموضوع: جواب رسالة، وشكر وتقدير لمشاعر الناس‌

المخاطب: كرامي، محمد علي‌

(حضرة الزعيم الأعلى ومرجع المراجع سماحة آية الله العظمى الخميني- متع الله المسلمين بطول بقائه. بكل تواضع، إن فراخ الطير إذا حان انفصالها برغم أنسها الكبير بأمّها، لابد لها من تحمل ألم الفراق، على ما يقتضيه ناموس التكامل الطبيعي للكائنات، لتتعلم الطيران، وتصل إلى تكاملها في ظل استقلالها،. فتراها تقع، وتنهض، وتطير، وتخفق، حتى تقترب من هدفها.

وهذا القانون- التكامل في ظل الانفصال- يبدو كأنه قانون عام يسري على الكل بدءاً من الجمادات وانتهاءً بأسمى مراتب الوجودات المادية. فالثمرة لا تنضج في يوم وليلة، وحبات الكروم لا تصبح حلوة المذاق صباح اليوم التالي. فلدى تكوّن الكبريت والزئبق- اللذين هما أساس المعادن القابلة للطرق- لابدّ للأبخرة والغازات في باطن الأرض، بمرور الوقت وتعاقب الحرارة والبرودة، من المرور بحالات الدمج والانصهار، حتى تتحول إلى كبريت وزئبق، ثم تكون المعادن التي لن تتخلى عن تماسكها وقوتها مهما نالت منها مطرقة الحداد. والوجود المنور للنبي الأكرم- الذي هو أكرم الكائنات- ينبغي له أيضاً تحمل فراق الوحي كي يحترق ويتألم، حتى يمُنّ عليه المبدأ الأول بنداء السكينة الودود: ما ودّعك ربّك وما قلى .. ولسوف يُعطيك ربُّك فترضى‌ [1]، ويجد طريقه إلى التكامل. أجل، زعماء الأمة الروحيون، هم الأوصياء والأولياء على الأمة، ولابد للأمة أن تتواصل مع هؤلاء القادة وتنفصل عنهم كي تتكامل، وأن تتمكن- بالاستقلال- من تبديل المجتمع إلى مدينة فاضلة، كي ينضج تلامذة مدرسة هؤلاء الزعماء، ويتهيّؤوا على مدى السنوات الطوال للانضمام إلى المجتمع وتعزيز تكامله، ليشهد الزعيم نفسه أيضاً فراقاً وانفصالًا كيوسف في قعر البئر، كي يرتدي حلية:" وكذلك مكّنّا ليوسف في الأرض‌ [2]". نحن لا نعلم، ربما تكون المنافع التكوينية الإلهية كثيرة، أجل، فالذين يستمرون حتى النهاية تحت إشراف وتوجيه آبائهم، لن تتكامل أعمالهم، لابد من الكرّ والفرّ وأداء أعمال طوعية كي يتسنى لهم النضوج بها. إن هذا العبد الفقير ينبغي له الاعتذار كثيراً لشغله ذهن رجل الهي وعالم رباني، ولكن ماذا يفعل إزاء كل هذه الهموم التي هي حصيلة الاحتراق والذوبان في مرحلة الانفصال التي يمر بها، ولابد له من البوح بها إليه، لينفس عن نفسه .. إنه يعلم أن هذا ليس أسلوب التحدث مع مرجع عظيم- وحسب زعمه مرجع المراجع-، غير أنه يتصور أن ثمة أحاديث تمنحه مثل هذه الجرأة، أحاديث تجعل من المرجعية أثراً تكوينياً إلهياً فضلًا عن حكومته الاجتماعية. وحرمان عدة


[1] سورة الضحى، الآيتان 3 و 5.

[2] سورة يوسف، الآية 56.

اسم الکتاب : صحيفة الإمام( ترجمه عربى) المؤلف : الخميني، السيد روح الله    الجزء : 1  صفحة : 249
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست