اسم الکتاب : وسائل الشيعة ط-آل البیت المؤلف : الشيخ حرّ العاملي الجزء : 17 صفحة : 204
وجعلها الله لك فلا
يجوز أن تخلع لباساً ألبسك الله ، وتجعله لغيرك ، وإن كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك.
فقال له المأمون : يا ابن رسول الله لا
بدّ لك من قبول هذا الأمر ، فقال : لست أفعل ذلك طائعاً أبداً ، فما زال
يجهد به أيّاماً حتّى يئس من قبوله ، فقال له : إن لم تقبل الخلافة ولم تحب
مبايعتي لك فكن وليّ عهدي لتكون لك الخلافة بعدي ، فقال الرضا ( عليه
السلام ) : والله لقد حدثني أبي ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين ( عليهم
السلام ) ، عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أني أخرج من الدنيا قبلك
مقتولاً بالسم مظلوماً ، تبكي عليّ ملائكة السماء والارض ، وأُدفن في أرض
غربة إلى جنب هارون الرشيد ، فبكى المأمون وقال له : يا ابن رسول الله ومن
الذي يقتلك أو يقدر على الإِساءة إليك وأنا حيّ ؟ فقال الرضا ( عليه السلام
) : أمّا إنّي لو أشاء أن أقول من الذي يقتلني لقلت ، فقال المامون يا ابن
رسول الله إنّما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك ودفع هذا الأمر عنك ،
ليقول الناس : إنّك زاهد في الدنيا ، فقال له الرضا ( عليه السلام ) :
والله ما كذبت منذ خلقني الله عز وجل ، وما زهدت في الدنيا للدنيا ، وإني
لأعلم ما تريد ، فقال المأمون : وما أُريد ؟ قال
: الأمان على الصدق ، قال : لك الأمان قال : تريد أن يقول الناس : إن علي
بن موسى الرضا ( عليه السلام ) لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه ، أما
ترون كيف قبل ولاية العهد طمعاً في الخلافة ؟ قال : فغضب المأمون ، ثم قال
: إنك تتلقاني أبداً بما أكرهه ، وقد أمنت سطوتي ، فبالله أُقسم لئن قبلت
ولاية العهد وإلاّ أجبرتك على ذلك ، فإن فعلت وإلا ضربت عنقك.
فقال الرضا ( عليه السلام ) : قد نهاني
الله أن ألقي بيدي إلى التهلكة ، فإن كان الأمر على هذا فافعل ما بدا لك ،
وأنا أقبل ذلك على أن لا أُولّي أحداً ، ولا أعزل أحداً ، ولا أنقض رسماً
ولا سنة ، وأكون في الأمر من بعيد مشيراً ، فرضي بذلك منه وجعله ولي عهده
على كراهية منه ( عليه السلام ) لذلك.
اسم الکتاب : وسائل الشيعة ط-آل البیت المؤلف : الشيخ حرّ العاملي الجزء : 17 صفحة : 204