اسم الکتاب : من لا يحضره الفقيه المؤلف : الشيخ الصدوق الجزء : 4 صفحة : 483
______________________________
-
و العجب من بعض المحققين المعاصرين حيث غمز على الشيخ- رضوان اللّه تعالى عليه-
قوله «عدوّ» و قال بعدم صحّة هذا القول و ذكر أنّه و ان كان عاميا الا أنّه كان
مواليا مكرما لعلىّ ابن الحسين عليهما السلام. و أنت خبير بأن إكرامه عليّ بن
الحسين عليهما السلام و اكباره إيّاه و تبجيله له ما كان الّا لاغراض سياسيّة أو
كان مأمورا بذلك من قبل الامير لا للدّين كما هو المشاهد من أمثاله في الاعصار، و
كيف لا و هو يتقلّب في دنيا بنى اميّة منذ خمسين سنة قال ابن خلّكان: لم يزل
الزهرى مع عبد الملك ثمّ مع هشام و كان يزيد بن عبد الملك قد استقضاه- الخ. و جعله
هشام معلم أولاده و أمره أن يملى على أولاده أحاديث فأملى عليهم أربعمائة حديث.
و معلوم أن كلما أملى
عليهم من هذه الأحاديث هو ما يروق القوم و لا يكون شيء من ذلك في فضل على و
أولاده عليهم السلام و من هنا أطراه علماؤهم و رفعوه فوق درجته بحيث تعجّب ابن حجر
من كثرة ما نشره من العلم. و من تأمل في رسالة عليّ بن الحسين عليهما السلام إليه
لا يشك في كونه من رجال السياسة الذين أيدوا الجبابرة باعانتهم اياهم و معيتهم
معهم لوجاهتهم و مقبوليتهم عند الناس حيث يقول عليه السلام في جملة ما كتب إليه:
«و اعلم أن أدنى ما كتمت و أخفّ ما احتملت أن آنست وحشة الظالم و سهلت له طريق
الغى بدنوّك منه حين دنوت و اجابتك له حين دعيت، فما أخوفنى أن تكون تبوء باثمك
غدا مع الخونة، و أن تسأل عما أخذت باعانتك على ظلم الظلمة، انك أخذت ما ليس لك
ممن أعطاك، و دنوت ممن لا يرد على أحد حقا، و لم ترد باطلا حين أدناك و أحببت من
حادّ اللّه سبحانه، أو ليس بدعائه اياك حين دعاك جعلوك قطبا أداروا بك رحى مظالمهم
و جسرا يعبرون عليك الى بلاياهم، و سلما الى ضلالتهم، داعيا الى غيهم، سالكا
سبيلهم، يدخلون بك الشك على العلماء، و يقتادون بك قلوب الجهال اليهم، فلم يبلغ
أخص وزرائهم، و لا أقوى أعوانهم الا دون ما بلغت من اصلاح فسادهم، و اختلاف
الخاصّة و العامّة اليهم، فما أقل ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك- الى آخر ما نقله
الحسن ابن عليّ بن شعبة الحرّانيّ في تحف العقول».
ثمّ اعلم أن المصنّف-
رحمه اللّه- لم يحتج بخبر الزهرى لبيان حكم من الاحكام انما احتج بأخباره على
المخالفين من طريق الجدل كاحتجاجه بخبره في بطلان العول فان المخالفين يقولون
بصحته. و هذا دأبه- رحمه اللّه- في أكثر موارد الاختلاف، و أمّا الطريق إليه ففيه
القاسم بن محمّد الأصبهانيّ المعروف بكاسام أو كاسولا و هو لم يكن بالمرضى.
اسم الکتاب : من لا يحضره الفقيه المؤلف : الشيخ الصدوق الجزء : 4 صفحة : 483