responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : من لا يحضره الفقيه المؤلف : الشيخ الصدوق    الجزء : 3  صفحة : 11

قُلْتُ فَإِنْ كَانَ الْخَبَرَانِ عَنْكُمْ مَشْهُورَيْنِ قَدْ رَوَاهُمَا الثِّقَاتُ عَنْكُمْ قَالَ يُنْظَرُ فَمَا وَافَقَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ خَالَفَ الْعَامَّةَ أُخِذَ بِهِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَجَدْنَا أَحَدَ الْخَبَرَيْنِ مُوَافِقاً لِلْعَامَّةِ وَ الْآخَرَ مُخَالِفاً لَهَا بِأَيِّ الْخَبَرَيْنِ يُؤْخَذُ قَالَ بِمَا يُخَالِفُ الْعَامَّةَ فَإِنَّ فِيهِ الرَّشَادَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَإِنْ وَافَقَهُمَا الْخَبَرَانِ جَمِيعاً- قَالَ يُنْظَرُ إِلَى مَا هُمْ إِلَيْهِ أَمْيَلُ حُكَّامُهُمْ وَ قُضَاتُهُمْ فَيُتْرَكُ وَ يُؤْخَذُ بِالْآخَرِ قُلْتُ فَإِنْ وَافَقَ حُكَّامَهُمْ وَ قُضَاتَهُمُ الْخَبَرَانِ جَمِيعاً قَالَ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَرْجِهِ‌[1] حَتَّى تَلْقَى إِمَامَكَ فَإِنَّ الْوُقُوفَ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ خَيْرٌ مِنَ الِاقْتِحَامِ فِي الْهَلَكَاتِ.

بَابُ آدَابِ الْقَضَاءِ

3234- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‌ مَنِ ابْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ فَلَا يَقْضِيَنَّ وَ هُوَ غَضْبَانُ‌[2].

3235 وَ- قَالَ الصَّادِقُ ع‌ إِذَا كَانَ الْحَاكِمُ يَقُولُ لِمَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَ لِمَنْ عَنْ يَسَارِهِ مَا تَقُولُ مَا تَرَى فَعَلَى ذَلِكَ‌ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ* أَلَّا يَقُومُ‌[3] مِنْ مَجْلِسِهِ وَ يُجْلِسُهُمَا مَكَانَهُ‌[4].


[1]. أي قف و لا تحكم.

[2]. رواه الكليني ج 7 ص 413 عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونى عن أبي عبد اللّه عليه السلام عنه صلّى اللّه عليه و آله و قال في الشرائع:« و يكره أن يقضى و هو غضبان و كذا يكره مع كل وصف يساوى الغضب في شغل النفس كالجوع و العطش و الغم و الفرح و الوجع و مدافعة الاخبثين و غلبة النعاس و لو قضى و الحال هذه نفذ إذا وقع حقا».

[3]. يعني لم لا يقوم، و في الكافي ج 4 ص 414 أيضا هكذا و كلمة« ألا» بالفتح للتحضيض و في بعض النسخ و التهذيب« الا أن يقوم».

[4]. الخبر مرويّ في الكافي بسند فيه ارسال، و قوله« ما تقول؟ ما ترى؟» أي بطريق استعلام الحكم حيث لا يعلم هو يسأل من عن يمينه أو عن يساره، و الخبر كما قال استاذنا-- الشعرانى يدلّ على وجوب كون القاضي مجتهدا، اذ لو كان مقلّدا لاحتاج الى غيره في السؤال و لا يخفى على المتأمّل أن التنصيص على جميع الفروع غير ممكن، و علم المقلّد بجميعها محال و يتّفق للقاضي أمور لم يسمع النّص عليه من عالم و يجب عليه دائما اعمال النظر في تطبيق الفروع على الأصول و التفحّص عن الأدلّة، و اكتفى صاحب القوانين و تبعه صاحب الجواهر- رحمهما اللّه- بقضاء المقلّد و زعم أن من تصدّى القضاء في زمن الائمّة عليهم السلام و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يكونوا مجتهدين بل كانوا يأخذون الحكم منهم سماعا و يقضون به، و لا نسلّم تصدّى غير المجتهد في عصرهم قضاء أصلا، و كان صاحب القوانين حمل المجتهد على من يحفظ الاصطلاحات الاصوليّة المتجدّدة و المجادلات الصناعيّة و ليس ذلك معنى الاجتهاد اذ قد رأى كل أحد جماعة من المهرة في تلك الأمور لا يعتمد عليه في مسألة شرعية من أوضح المسائل أصلا و من ليس له قدرة على الجدل و المماراة قد يوثق بقوله في الشرع لغاية تبحّره و انسه بأقوال الفقهاء و أخبار أهل بيت العصمة و تفسير القرآن و سيرة الرّسول و المتواتر من عمل المسلمين و دقّة نظره و تمييزه بين قرائن الصدق و الكذب و مهارته في العربيّة و فهم مقاصد الكلام العربى و المجتهد هو القادر على استنباط الاحكام من الأدلة و كان هذه القدرة حاصلة لهم، و لذلك إذا أنصف رجل و قايس بين الشيخ الصدوق أو الكليني- رحمهما اللّه- و بين الأصوليّين المتأخّرين وجد أنّ النسبة بينهما كالنسبة بين امرئ القيس و السكاكى في الشعر و الفصاحة، و قد يتّفق لأهل الجدل و المهرة في المغالبة و المماراة و ابداء الشّبهات أن يذهب بهم دقّتهم في بعض الأمور الى أن يخرجوا من مقتضى الأفكار السّليمة و يؤدّيهم الى الوسوسة و الترديد و عدم الجزم بشي‌ء، و حصول الشبهات في القرائن الواضحة الموجبة للعلم للذّهن السالم، و هذا أيضا ضارّ بالاجتهاد و لا يجوز تقليد صاحبه و لا يقبل حكمه و لا ينفذ قضاؤه.

و عندي أوراق مجموعة في أحكام القضاء لم يصرح باسم مؤلّفه و الظاهر أنّه من أفاضل أهل التحقيق قد يستنبط بالتكلّف من دقائق الألفاظ معاني لا يمكن أن يعتمد عليها العوام فضلا عن العلماء، و ممّا حقّقه فيها« أنّ أدلّة مشروعيّة القضاء و ما استدلوا عليه من الكتاب و السنة و الاخبار الخاصّة الواردة في نصب نائب الغيبة لا تدلّ على جواز اعمال البيّنات و التحليف و الاقارير و نحو ذلك من معينات الموضوعات بل مفادها بيان الحكم الإلهي في الموارد الجزئية.

و استنبط ذلك من دخول حرف الباء على الحقّ و العدل و تقريبه أن القائل« إذا قال: حكمت بالحق أو أحكم بالحق فمعناه أن الحق حقّ قبل أن يحكم به، و إذا قضى بالبيّنة و التحليف فليس-- ما حكم به حقّا قبل الحكم بل صار حقّا بسبب الحكم فلا يصدق عليه أنّه حكم حكما حقّا، و بالجملة في موارد الحكم بالبيّنة و مثلها نفس الحكم حقّ لا متعلّق الحكم» و نحن نقول: مفهوم القضاء و الحكم يشمل الحكم بالبيّنة و التحليف و الأدلة الظاهرية قطعا و شموله لها أوضح من شموله لما اشتبه نفس الحكم و ذلك لانس ذهن جميع الناس بأن القضاء لا يمكن بغير بيّنات و شهود و ان المدعى عليه لا يتسلم للمدّعى فلا بدّ من اقامته البيّنة عليه، و إذا ورد حديث أو دلّ آية على جواز تصدّى القضاء و الحكم بين الناس دل على جواز الاعتماد على البيّنات و التحليف و الأدلّة الشرعيّة سواء قال أحكم بالحق أو أحكم حكما حقّا، و لا اعتبار بهذا التدقيق في حرف الباء مع هذه القرينة القويّة الدالّة على أن القضاء لا يمكن بغير البيّنة و اقامة الأدلة و الإذن في أحدهما اذن في الآخر- انتهى.

اسم الکتاب : من لا يحضره الفقيه المؤلف : الشيخ الصدوق    الجزء : 3  صفحة : 11
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست