[2]. رواه الكليني ج 7 ص 413 عن عليّ بن إبراهيم،
عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونى عن أبي عبد اللّه عليه السلام عنه صلّى اللّه
عليه و آله و قال في الشرائع:« و يكره أن يقضى و هو غضبان و كذا يكره مع كل وصف
يساوى الغضب في شغل النفس كالجوع و العطش و الغم و الفرح و الوجع و مدافعة
الاخبثين و غلبة النعاس و لو قضى و الحال هذه نفذ إذا وقع حقا».
[3]. يعني لم لا يقوم، و في الكافي ج 4 ص 414 أيضا
هكذا و كلمة« ألا» بالفتح للتحضيض و في بعض النسخ و التهذيب« الا أن يقوم».
[4]. الخبر مرويّ في الكافي بسند فيه ارسال، و
قوله« ما تقول؟ ما ترى؟» أي بطريق استعلام الحكم حيث لا يعلم هو يسأل من عن يمينه
أو عن يساره، و الخبر كما قال استاذنا-- الشعرانى يدلّ على وجوب كون القاضي
مجتهدا، اذ لو كان مقلّدا لاحتاج الى غيره في السؤال و لا يخفى على المتأمّل أن
التنصيص على جميع الفروع غير ممكن، و علم المقلّد بجميعها محال و يتّفق للقاضي
أمور لم يسمع النّص عليه من عالم و يجب عليه دائما اعمال النظر في تطبيق الفروع
على الأصول و التفحّص عن الأدلّة، و اكتفى صاحب القوانين و تبعه صاحب الجواهر-
رحمهما اللّه- بقضاء المقلّد و زعم أن من تصدّى القضاء في زمن الائمّة عليهم
السلام و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يكونوا مجتهدين بل كانوا يأخذون الحكم
منهم سماعا و يقضون به، و لا نسلّم تصدّى غير المجتهد في عصرهم قضاء أصلا، و كان
صاحب القوانين حمل المجتهد على من يحفظ الاصطلاحات الاصوليّة المتجدّدة و
المجادلات الصناعيّة و ليس ذلك معنى الاجتهاد اذ قد رأى كل أحد جماعة من المهرة في
تلك الأمور لا يعتمد عليه في مسألة شرعية من أوضح المسائل أصلا و من ليس له قدرة
على الجدل و المماراة قد يوثق بقوله في الشرع لغاية تبحّره و انسه بأقوال الفقهاء
و أخبار أهل بيت العصمة و تفسير القرآن و سيرة الرّسول و المتواتر من عمل المسلمين
و دقّة نظره و تمييزه بين قرائن الصدق و الكذب و مهارته في العربيّة و فهم مقاصد
الكلام العربى و المجتهد هو القادر على استنباط الاحكام من الأدلة و كان هذه
القدرة حاصلة لهم، و لذلك إذا أنصف رجل و قايس بين الشيخ الصدوق أو الكليني-
رحمهما اللّه- و بين الأصوليّين المتأخّرين وجد أنّ النسبة بينهما كالنسبة بين
امرئ القيس و السكاكى في الشعر و الفصاحة، و قد يتّفق لأهل الجدل و المهرة في
المغالبة و المماراة و ابداء الشّبهات أن يذهب بهم دقّتهم في بعض الأمور الى أن
يخرجوا من مقتضى الأفكار السّليمة و يؤدّيهم الى الوسوسة و الترديد و عدم الجزم
بشيء، و حصول الشبهات في القرائن الواضحة الموجبة للعلم للذّهن السالم، و هذا
أيضا ضارّ بالاجتهاد و لا يجوز تقليد صاحبه و لا يقبل حكمه و لا ينفذ قضاؤه.
و عندي أوراق مجموعة في أحكام
القضاء لم يصرح باسم مؤلّفه و الظاهر أنّه من أفاضل أهل التحقيق قد يستنبط
بالتكلّف من دقائق الألفاظ معاني لا يمكن أن يعتمد عليها العوام فضلا عن العلماء،
و ممّا حقّقه فيها« أنّ أدلّة مشروعيّة القضاء و ما استدلوا عليه من الكتاب و
السنة و الاخبار الخاصّة الواردة في نصب نائب الغيبة لا تدلّ على جواز اعمال
البيّنات و التحليف و الاقارير و نحو ذلك من معينات الموضوعات بل مفادها بيان
الحكم الإلهي في الموارد الجزئية.
و استنبط ذلك من دخول حرف الباء
على الحقّ و العدل و تقريبه أن القائل« إذا قال: حكمت بالحق أو أحكم بالحق فمعناه
أن الحق حقّ قبل أن يحكم به، و إذا قضى بالبيّنة و التحليف فليس-- ما حكم به حقّا
قبل الحكم بل صار حقّا بسبب الحكم فلا يصدق عليه أنّه حكم حكما حقّا، و بالجملة في
موارد الحكم بالبيّنة و مثلها نفس الحكم حقّ لا متعلّق الحكم» و نحن نقول: مفهوم
القضاء و الحكم يشمل الحكم بالبيّنة و التحليف و الأدلة الظاهرية قطعا و شموله لها
أوضح من شموله لما اشتبه نفس الحكم و ذلك لانس ذهن جميع الناس بأن القضاء لا يمكن
بغير بيّنات و شهود و ان المدعى عليه لا يتسلم للمدّعى فلا بدّ من اقامته البيّنة
عليه، و إذا ورد حديث أو دلّ آية على جواز تصدّى القضاء و الحكم بين الناس دل على
جواز الاعتماد على البيّنات و التحليف و الأدلّة الشرعيّة سواء قال أحكم بالحق أو
أحكم حكما حقّا، و لا اعتبار بهذا التدقيق في حرف الباء مع هذه القرينة القويّة
الدالّة على أن القضاء لا يمكن بغير البيّنة و اقامة الأدلة و الإذن في أحدهما اذن
في الآخر- انتهى.
اسم الکتاب : من لا يحضره الفقيه المؤلف : الشيخ الصدوق الجزء : 3 صفحة : 11