[1]. تقدم نحوه ج 1 ص 185 و تقدم الكلام في وجه
انتفاع الميت بما أهدى إليه هناك و نزيدك هاهنا بيانا و هو ما قاله استاذنا
الشعرانى في هامش الوافي قال- مد ظله- في جملة كلامه ما حاصله:« مستحق الاجر
العامل و ما يصل الى الميت تفضل من اللّه تعالى و ذلك لان ما يصل الى العبد في
الآخرة ثلاثة أقسام ثواب و عوض و تفضل، لانه اما أن يكون على سبيل الاستحقاق أولا،
و الثاني هو التفضّل، و الأول اما أن يكون على العمل الاختيارى أو على غير
الاختيارى، و الأول هو الثواب مثل ما يستحقه على الصلاة و الصوم، و الثاني هو
العوض مثل ما يستحقه على الآلام و الأمراض و الفقر و غيرها، و الميت لا يستحق بعمل
الغير شيئا لانه اما أن يكون عاصيا فرفعه عنه بفعل الغير تفضّل، و هو واضح، و ان
كان معذورا لا يستحق عقابا سواء أتى الولى أو الغير بقضاء ما فات عنه أو عصى و لم
يأت و هذا شيء يوافق أصول مذهبنا و مذهب أهل العدل، و يصحّ دعوى الإجماع بل ضرورة
المذهب عليه، و ببالى أنى رأيت دعوى الإجماع من ابن شهرآشوب عليه الرحمة و لكن
يظهر من كلام شيخنا الأنصاريّ- قدّس سرّه- أن في المسألة خلافا بين الإماميّة
فالمشهور على أن الثواب للميت، و السيّد المرتضى و العلامة- قدس سرهما- على أن
الثواب للعامل، ثمّ انه سرد أحاديث كثيرة و تعجب من السيّد و استبعد أن تكون تلك
الاخبار مخفية عن مثله، و الحق أن مذهب السيّد- رحمه اللّه- اجماعى موافق لاصول
المذهب لان الثواب كما ثبت في علم الكلام بل العوض أيضا انما هما على الكلفة التي
يحتملها المكلف من جانب المولى و الواجب في مذهب أهل العدل ايصال نفع إليه جبرا
لتلك المشقة و الكلفة و اما من لم يتكلف شيئا فلا يجب على المولى اثابته.
و أمّا الأحاديث التي سردها( ره)
فلا يدلّ الأعلى انتفاع الميت بالعمل و هذا ممّا لا ريب فيه و لكنه تفضل لا
استحقاق و لم يدلّ دليل على كونه مستحقا لاجر عمل تكلفه غيره الا إذا أوصى فله
ثواب الوصية سواء عمل الأوصياء بوصيته أولا، و قال بعض أساتيدنا ان الشيخ- رحمه
اللّه- حمل الثواب على مطلق انتفاع الميت و فهم من عدم الثواب عدم الانتفاع مطلقا
و لذلك تعجب من السيّد- قدّس سرّه- و جعل مفاد الاخبار ردا عليه. و هو بعيد لان
الفرق بين الثواب و التفضل و العوض معروف في الكتب الاعتقادية و كون الثواب في
مذهب أهل العدل واجبا لاستحقاق العبد بسبب الكلفة أيضا معروف، و السيّد و العلامة
و غيرهما كانوا معتنين بهذه المسائل أشدّ اعتناء أكثر-- من اعتنائهم بالمسائل
الفرعية أو مثلها لابتلائهم بالمحاجة مع المخالفين، فإذا أطلقوا لفظ الثواب ما كان
ينصرف أذهانهم الا الى المعنى المصطلح عليه في علم الكلام الذي صرفوا عمرهم في
اثباته و ردّ أهل الجبر من مخالفيهم و لا يحتمل البتة أن يريدوا بالثواب مطلق
الانتفاع بل المراد منه في كلامهم الاستحقاق قطعا و لا ريب أن المستحق للثواب هو
العامل و انتفاع الميت تفضل.
ثمّ ان مطلق انتفاع الميت بعمل
الاحياء ليس ممّا يحتاج في اثباته الى هذه الأحاديث بل هو ممّا اتفق عليه أهل
الملل و ليس الصلاة على الميت الا لذلك و كذلك زيارة القبور و الاستغفار لهم، و يدلّ
عليه آيات كثيرة من القرآن الكريم كقوله تعالى« رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ
لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ» و قوله:«
اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ» و
قوله« وَ لا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَ لا تَقُمْ
عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ ماتُوا وَ هُمْ
فاسِقُونَ» الى غير ذلك، و لكن جميع ذلك لا يدلّ على أن الميت يستحق ثواب
الصلاة و الاستغفار بل يدلّ على ايصال نفع اليه تفضلا. و اللّه العالم.
اسم الکتاب : من لا يحضره الفقيه المؤلف : الشيخ الصدوق الجزء : 2 صفحة : 461