______________________________
-
و كانت عندي؟ قال: بلى، قال: انها جرت بالرحى حتّى أثرت في يدها، و استقت بالقربة
حتى أثرت في نحرها، و كنست البيت حتّى اغبرت ثيابها، فأتى النبيّ صلّى اللّه عليه
و آله خدم- يعنى سبى- فقلت: لو أتيت أباك فسألته خادما، فأتته فوجدت عنده حداثا
فرجعت، فأتاها من الغد فقال: ما كان حاجتك؟ فسكتت، فقلت أنا أحدثك يا رسول اللّه،
جرت بالرحى حتّى أثرت في يدها، و حملت القربة حتّى أثرت في بحرها فلما أن جاء
الخدم أمرتها أن تأتيك فتستخدمك خادما يقيها حرّ ما هي فيه، قال: اتقى اللّه يا
فاطمة، و أدى فريضة ربك، اعملى عمل أهلك و إذا أخذت مضجعك فسبحى ثلاثا و ثلاثين، و
احمدى ثلاثا و ثلاثين، و كبرى أربعا و ثلاثين فتلك مائة، فهو خير لك من خادم،
قالت: رضيت عن اللّه و عن رسوله. زاد في رواية «و لم يخدمها».
فقف أيها القارئ
الكريم و تأمل جيدا في هذا الخبر الشريف المجمع عليه فان بضعة المصطفى (ص) و قرّة
عينه الوحيدة تطلب منه من السبى و الغنائم خادما ليعينها في مهام- منزلها و يزيل
عنها شيئا من تعبها و هو سلطان نافذ الكلمة، و راع مسيطر في وقته، بيده الأموال بل
النفوس و له القدرة بأعظم مظاهرها بحيث يقول ناعته: لم أر قبله و لا بعده مثله، مع
ذلك كله يأمر ابنته الوحيدة و فلذة كبده الفريدة بالتقوى و القيام بواجب بيتها و
الإكثار من ذكر ربها و لم يرض أن يعطيه من بيت مال المسلمين خادما و قال صلّى
اللّه عليه و عليهما: ألا أعلمكما ما هو خير لكما من الخادم. فتجيب المعصومة سلام
اللّه عليها طائعة مشعوفة مختارة: «رضيت عن اللّه»، رضيت عن رسول اللّه». فخذ هذا
مثالا يلمسك الحقيقة جدا في معرفة من حذا حذو الرسول (ص) و من مال عن طريقته و نأى
بجانبه و حاد عن سنته ممن يدعى الخلافة بعده فرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هو
الامام المتبع فعله و الرئيس المقتفى أثره.-
اسم الکتاب : من لا يحضره الفقيه المؤلف : الشيخ الصدوق الجزء : 1 صفحة : 322