اسم الکتاب : مستدرك الوسائل المؤلف : المحدّث النوري الجزء : 17 صفحة : 386
« ما يبكيك؟ » فقال : يا أمير المؤمنين ، إن أبي خرج مع هؤلاء في سفر
للتجارة ، فرجعوا ولم يرجع أبي ، فسألتهم عنه فقالوا : مات ، وسألتهم عن
ماله فقالوا : لم يخلف مالا ، فقدمتهم إلى شريح فلم يقض لي عليهم بشئ
غير اليمين ، وأنا أعلم يا أمير المؤمنين ، أن أبي معه مال كثير.
فقال لهم أمير
المؤمنين ( عليه السلام ) : « ارجعوا » فردهم معه ووقف
على شريح فقال : « ما يقول هذا الفتى ، يا شريح؟ » فقال شريح : يا أمير
المؤمنين ، ان هذا الفتى ادعى على هؤلاء القوم دعوى ، فسألته البينة فلم
يحضر أحدا ، فاستحلفتهم ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « هيهات يا
شريح ، [ ليس ] [١] هكذا يحكم في هذا » قال شريح : فكيف احكم يا أمير
المؤمنين فيه؟ قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « أنا أحكم فيه ،
ولأحكمن اليوم فيه بحكم ما حكم به بعد داود النبي ( عليه السلام )
أحد » ثم جلس في مجلس القضاء ، ودعا بعبيد الله بن أبي رافع ـ وكان
كاتبه ـ وأمره [٢] أن يحضر صحيفة ودواة ، ثم أمر بالقوم أن يفرقوا في
نواحي
المسجد ، ويجلس كل رجل منهم إلى سارية ، وأقام مع كل ( واحد منهم
رجلا [٣] ، وأمر بأن تغطي رؤوسهم ، وقال لمن حوله : « إذا سمعتموني
كبرت فكبروا » ثم دعا برجل منهم ، فكشف عن وجهه ونظر إليه وتأمله ،
وقال : « أتظنون إني لا أعلم ما صنعتم بأبي هذا الفتى؟ أني إذا لجاهل » ثم
أقبل عليه فسأله فقال : مات يا أمير المؤمنين ، فسأله كيف كان مرضه؟ وكم
مرض؟ وأين مرض؟ وعن أسبابه في مرضه كلها؟ وحين احتضر ، ومن
تولى تغميضه؟ ومن غسله؟ وما كفن فيه؟ ومن حمله؟ ومن صلى عليه؟
ومن دفنه؟ فلما فرغ من السؤال رفع صوته وقال : « الحبس الحبس » وكبر
وكبر من كان معه ، فارتاب القوم ، ولم يشكوا أن صاحبهم قد أقر.