اسم الکتاب : مستدرك الوسائل المؤلف : المحدّث النوري الجزء : 1 صفحة : 372
للرب ، وجعلها من السنن المؤكدة ، وفيها منافع
للظاهر والباطن ما لا يحصى لمن عقل ، فكما تزيل التلوث من أسنانك من مأكلك
ومطعمك بالسواك كذلك فأزل نجاسة ذنوبك بالتضرع والخشوع والتهجد والاستغفار
بالاسحار ، وطهر ظاهرك من النجاسات وباطنك من كدورات المخالفات وركوب
المناهي كلّها خالصا لله ، فان النبي ( صلّى الله عليه وآله ) أراد
باستعمالها مثلا لأهل التنبه واليقظة ، وهو ان السواك نبات لطيف نظيف ،
وغصن شجر عذب مبارك ، والاسنان خلق خلقه الله تعالى في الفم ، آلة للأكل ،
وأداة للمضغ ، وسببا لاشتهاء الطعام واصلاح المعدة ، وهي جوهرة صافية تتلوث
بصحبة تمضيغ الطعام ، وتتغير بها رائحة الفم ، ويتولد منها الفساد في
الدماغ.
فاذا استاك
المؤمن الفطن بالنبات اللطيف ، ومسحها على الجوهرة الصافية أزال عنها
الفساد والتغيير ، وعادت الى أصلها ، كذلك خلق الله القلب طاهرا صافيا ،
وجعل غذاءه الذكر والفكر والهيبة والتعظيم ، واذا شيب القلب الصافي بتغذيته
بالغفلة والكدر صقل بمصقلة التوبة ، ونظف بماء الانابة ليعود على حالته
الاولى ، وجوهريته الاصلية ، قال الله تعالى : ( إِنَّ الله يُحِبُّ
التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ )[١].
وقال النبي (
صلّى الله عليه وآله ) : وعليكم بالسواك ، فان النبي ( صلّى الله عليه وآله
) أمر بالسواك في ظاهر الاسنان ، وأراد هذا المعنى والمثل ، ومن أناخ [٢] تفكره على باب عتبة العبرة في استخراج مثل هذه الامثال في الأصل والفرع ، فتح الله له عيون الحكمة والمزيد من فضله