وَ اللَّهِ وَ عَجِبْتُ مِنْ شَأْنِهِ مَعَكَ فَقَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ ع إِنَّهُ خَرَجَ يَشْكُو عُسْرَ الْوِلَادَةِ عَلَى لَبْوَتِهِ وَ سَأَلَنِي أَنْ أَسْأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُفَرِّجَ عَنْهَا فَفَعَلْتُ ذَلِكَ وَ أُلْقِيَ فِي رُوعِي أَنَّهَا تَلِدُ ذَكَراً فَخَبَّرْتُهُ بِذَلِكَ فَقَالَ لِيَ امْضِ فِي حِفْظِ اللَّهِ فَلَا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَ لَا عَلَى ذُرِّيَّتِكَ وَ لَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ شِيعَتِكَ شَيْئاً مِنَ السِّبَاعِ فَقُلْتُ آمِينَ آمِينَ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ يَقْطِينٍ اسْتَدْعَى الرَّشِيدُ رَجُلًا يُبْطِلُ بِهِ أَمْرَ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع وَ يَقْطَعُهُ وَ يُخْجِلُهُ فِي الْمَجْلِسِ فَانْتَدَبَ لَهُ رَجُلٌ مُعَزِّمٌ فَلَمَّا أُحْضِرَتِ الْمَائِدَةُ عَمِلَ نَيْمُوساً عَلَى الْخُبْزِ فَكَانَ كُلَّمَا رَامَ خَادِمُ أَبِي الْحَسَنِ ع تَنَاوُلَ رَغِيفٍ مِنَ الْخُبْزِ طَارَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ اسْتَفَزَّ هَارُونَ الْفَرَحُ وَ الضَّحِكُ لِذَلِكَ فَلَمْ يَلْبَثْ أَبُو الْحَسَنِ ع أَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى أَسَدٍ مُصَوَّرٍ عَلَى بَعْضِ السُّتُورِ فَقَالَ لَهُ يَا أَسَدُ خُذْ عَدُوَّ اللَّهِ قَالَ فَوَثَبَ ذَلِكَ الصُّورَةُ كَأَعْظَمِ مَا يَكُونُ مِنَ السِّبَاعِ فَافْتَرَسَ ذَلِكَ الْمُعَزِّمَ فَخَرَّ هَارُونُ وَ نُدَمَاؤُهُ عَلَى وُجُوهِهِمْ مَغْشِيّاً وَ طَارَتْ عُقُولُهُمْ خَوْفاً مِنْ هَوْلِ مَا رَأَوْهُ فَلَمَّا أَفَاقُوا مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ حِينٍ قَالَ هَارُونُ لِأَبِي الْحَسَنِ أَسْأَلُكَ بِحَقِّي عَلَيْكَ لَمَّا سَأَلْتَ الصُّورَةَ أَنْ تَرُدَّ الرَّجُلَ فَقَالَ إِنْ كَانَ عَصَا مُوسَى رَدَّ مَا ابْتَلَعَهُ مِنْ حِبَالِ الْقَوْمِ وَ عِصِيِّهِمْ فَإِنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ تَرُدُّ مَا ابْتَلَعَتْهُ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ وَ كَانَتْ تِلْكَ الْأَشْيَاءُ أَعْمَلَ فِي أَيَّامِهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكْرِيُ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ أَطْلُبُ بِهَا دَيْناً فَأَعْيَانِي فَقُلْتُ لَوْ ذَهَبْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع فَشَكَوْتُ إِلَيْهِ فَأَتَيْتُهُ فِي ضَيْعَتِهِ فَخَرَجَ إِلَيَّ وَ مَعَهُ غُلَامٌ مَعَهُ مِنْسَفٌ فِيهِ قَدِيدٌ مُجَزَّعٌ وَ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ فَأَكَلَ وَ أَكَلْتُ مَعَهُ ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْ حَاجَتِي فَذَكَرْتُ لَهُ قِصَّتِي فَدَخَلَ وَ لَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيراً حَتَّى خَرَجَ إِلَيَّ فَقَالَ لِغُلَامِهِ اذْهَبْ ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ إِلَيَّ فَدَفَعَ إِلَيَّ صُرَّةً فِيهَا ثَلَاثُمِائَةِ دِينَارٍ ثُمَّ قَامَ فَوَلَّى فَقُمْتُ فَرَكِبْتُ دَابَّتِي وَ انْصَرَفْتُ.
وَ ذَكَرَ ابْنُ عَمَّارٍ وَ غَيْرُهُ مِنَ الرُّوَاةِ أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ الرَّشِيدُ إِلَى الْحَجِّ وَ قَرُبَ مِنَ الْمَدِينَةِ اسْتَقْبَلَهُ الْوُجُوهُ مِنْ أَهْلِهَا وَ تَقَدَّمَهُمْ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع عَلَى بَغْلَةٍ فَقَالَ لَهُ الرَّبِيعُ مَا هَذِهِ الدَّابَّةُ الَّتِي تَلَقَّيْتَ عَلَيْهَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ أَنْتَ إِنْ طَلَبْتَ عَلَيْهَا لَمْ تُدْرِكْ وَ إِنْ طُلِبْتَ لَمْ تُفَتْ فَقَالَ إِنَّهَا تَطَأْطَأَتْ عَنْ خُيَلَاءِ الْخَيْلِ وَ ارْتَفَعَتْ عَنْ ذِلَّةِ الْعَيْرِ وَ خَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا.
قَالَ: وَ لَمَّا دَخَلَ هَارُونُ الرَّشِيدُ الْمَدِينَةَ تَوَجَّهَ لِزِيَارَةِ النَّبِيِّ ص وَ مَعَهُ النَّاسُ فَتَقَدَّمَ إِلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ عَمِّ مُفْتَخِراً