لَا يَسْتَطِيعُ جَوَادٌ بُعْدَ غَايَتِهِمْ
وَ لَا يُدَانِيهِمْ قَوْمٌ وَ إِنْ كَرُمُوا
هُمُ الغُيُوثُ إِذَا مَا أَزْمَةٌ أَزَمَتْ
وَ الْأُسُدُ أُسُدُ الشَّرَى وَ الْبَأْسُ مُحْتَدِمٌ
يَأْبَى لَهُمْ أَنْ يَحُلَّ الذَّمُّ سَاحَتَهُمْ
خِيمٌ كَرِيمٌ وَ أَيْدٍ بِالنَّدَى هُضُمٌ
لَا يَنْقُصُ الْعُسْرُ بَسْطاً مِنْ أَكُفِّهِمْ
سِيَّانِ ذَلِكَ إِنْ أَثْرَوْا وَ إِنْ عَدِمُوا
أَيُّ الْخَلَائِقِ لَيْسَتْ فِي رِقَابِهِمْ
لِأَوْلَوِيَّةِ هَذَا أَوْ لَهُ نِعَمٌ
مَنْ يَعْرِفِ اللَّهَ يَعْرِفْ أَوَّلِيَّةَ ذَا
فَالدِّينُ مِنْ بَيْتِ هَذَا نَالَهُ الْأُمَمُ.
قَالَ فَغَضِبَ هِشَامٌ وَ أَمَرَ بِحَبْسِ الْفَرَزْدَقِ فَحُبِسَ بِعُسْفَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدِينَةِ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَ قَالَ أَعْذِرْنَا يَا أَبَا فِرَاسٍ فَلَوْ كَانَ عِنْدَنَا أَكْثَرُ مِنْ هَذَا لَوَصَلْنَاكَ بِهِ فَرَدَّهَا وَ قَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا قُلْتُ الَّذِي قُلْتُ إِلَّا لِرِضَا اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ مَا كُنْتُ لِآخُذَ شَيْئاً فَرَدَّهَا إِلَيْهِ وَ قَالَ بِحَقِّي عَلَيْكَ لَمَّا قَبِلْتَهَا فَقَدْ رَأَى اللَّهُ مَكَانَكَ وَ عَلِمَ نِيَّتَكَ فَقَبِلَهَا فَجَعَلَ الْفَرَزْدَقُ يَهْجُو هِشَاماً وَ هُوَ فِي الْحَبْسِ فَكَانَ مِمَّا هَجَا بِهِ قَوْلُهُ
أَ تَحْبِسُنِي بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَ الَّتِي
إِلَيْهَا قُلُوبُ النَّاسِ يَهْوِي مُنِيبُهَا
يُقَلِّبُ رَأْساً لَمْ يَكُنْ رَأْسَ سَيِّدٍ
وَ عَيْنٌ لَهُ حَوْلَاءُ بَادَ عُيُوبُهَا.
فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَأَخْرَجَهُ.
وَ كَانَ مَوْلِدُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ يُقَالُ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِتِسْعٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَ ثَلَاثِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ يُقَالُ سَنَةَ سِتٍّ وَ ثَلَاثِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ فَبَقِيَ مَعَ جَدِّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع سَنَتَيْنِ وَ مَعَ عَمِّهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَ مَعَ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ ثَلَاثاً وَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ بَعْدَ أَبِيهِ أَرْبَعاً وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَ تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ السَّبْتِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ خَمْسٍ وَ تِسْعِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ لَهُ يَوْمَئِذٍ سَبْعٌ وَ خَمْسُونَ سَنَةً وَ كَانَتْ إِمَامَتُهُ أَرْبَعاً وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً. وَ أُمُّهُ شَاهْزَنَانُ بِنْتُ يَزْدَجَرْدَ بْنِ شَهْرِيَارَ بْنِ كِسْرَى وَ يُقَالُ إِنَّ اسْمَهَا كَانَ شَهْرَبَانُوَيْهِ وَ يُقَالُ شَاهْزَنَانُ بِنْتُ شِيرَوَيْهِ بْنِ كِسْرَى أَبَرْوِيزَ. وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَلَّى حُرَيْثَ بْنَ جَابِرٍ الْحَنَفِيَّ جَانِباً مِنَ الْمَشْرِقِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِنْتَيْ يَزْدَجَرْدَ بْنِ شَهْرِيَارَ بْنِ كِسْرَى فَنَحَلَ ابْنَهُ الْحُسَيْنَ ع شَاهْزَنَانَ مِنْهُمَا فَأَوْلَدَهَا زَيْنَ الْعَابِدِينَ ع وَ نَحَلَ الْأُخْرَى مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَوَلَدَتْ لَهُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَهُمَا ابْنَا خَالَةٍ.