responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحار الأنوار - ط مؤسسةالوفاء المؤلف : العلامة المجلسي    الجزء : 78  صفحة : 129

فيما تركت [١] » فلينزلن أحدكم اليوم نفسه في هذه الدنيا كمنزلة المكرور إلى الدنيا ، النادم على ما فرط فيها من العمل الصالح ليوم فاقته.

واعلموا عباد الله! أنه من خاف البيات تجافى عن الوساد ، وامتنع من الرقاد [٢] وأمسك عن بعض الطعام والشراب من خوف سلطان أهل الدنيا ، فكيف ـ ويحك ـ يا ابن آدم من خوف بيات سلطان رب العزة؟ وأخذه الاليم وبياته لاهل المعاصي والذنوب مع طوارق المنايا [٣] بالليل والنهار ، فذلك البيات الذي ليس منه منجى ، ولا دونه ملتجأ ، ولا منه مهرب. فخافوا الله أيها المؤمنون من البيات خوف أهل التقوى ، فإن الله يقول : «ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد [٤]». فاحذروا زهرة الحياة الدنيا وغرورها وشرورها ، وتذكروا ضرر عاقبة الميل إليها ، فإن زينتها فتنة وحبها خطيئة.

واعلم ـ ويحك ـ يا ابن آدم أن قسوة البطنة ، وفترة الميلة ، وسكر الشبع ، وغرة الملك [٥] مما يثبط ويبطئ عن العمل وينسي الذكر ، ويلهي عن اقتراب الاجل ، حتى كأن المبتلى بحب الدنيا به خبل من سكر الشراب [٦] وأن العاقل عن الله ، الخائف منه ، العامل له ليمرن نفسه ويعودها الجوع ، حتى ما تشتاق إلى الشبع ، وكذلك تضمر الخيل لسبق الرهان [٧].


[١]المؤمنون : ١٠٠.
[٢]البيات : الهجوم على الاعداء ليلا. وتجافي : تنحى ، والوسادة ـ بالتثليث :

المخدة والمتكاء. والرقاد : النوم.
[٣]المنايا : جمع المنية أى الموت. وطوارق المنية : دواهى الموت.
[٤]سورة ابراهيم : ١٨.
[٥]البطنة ـ بالكسر ـ : الامتلاء الشديد من الاكل. وفى بعض النسخ «نشوة البطنة وفطرة الميلة» والميلة : الرغبة. وفى بعض النسخ «عزة الملك» والعزة : الحمية والغلبة.
[٦]الخبل ـ بالتحريك ـ : اصابة الجنون وفساد في العقل.
[٧]تضمير الفرس أن تعلفه حتى يسمن ثم ترده عن القوت وذلك في أربعين يوما.

اسم الکتاب : بحار الأنوار - ط مؤسسةالوفاء المؤلف : العلامة المجلسي    الجزء : 78  صفحة : 129
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست