بَابُ بَيَانِ الْفَرَائِضِ فِي الْكِتَابِ
- إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ جَعَلَ الْمَالَ كُلَّهُ لِلْوَلَدِ فِي كِتَابِهِ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِمْ بَعْدُ الْأَبَوَيْنِ وَ الزَّوْجَيْنِ فَلَا يَرِثُ مَعَ الْوَلَدِ غَيْرُ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ فَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ بِهَذَا الْقَوْلِ الْمِيرَاثَ فَصَارَ الْمَالُ كُلُّهُ بِهَذَا الْقَوْلِ لِلْوَلَدِ ثُمَّ فَصَّلَ الْأُنْثَى مِنَ الذَّكَرِ فَقَالَ- لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ[1] وَ لَوْ لَمْ يَقُلْ عَزَّ وَ جَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لَكَانَ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى مَا عَنَى اللَّهُ بِهِ مِنَ الْقَوْلِ يُوجِبُ الْمَالَ كُلَّهُ لِلْوَلَدِ الذَّكَرُ وَ الْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ فَلَمَّا أَنْ قَالَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ كَانَ هَذَا تَفْصِيلَ الْمَالِ وَ تَمْيِيزَ الذَّكَرِ مِنَ الْأُنْثَى فِي الْقِسْمَةِ وَ تَفْضِيلَ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى فَصَارَ الْمَالُ كُلُّهُ مَقْسُوماً بَيْنَ الْوُلْدِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ فَلَوْ لَا أَنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَرَادَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَا يَتَّصِلُ بِهَذَا كَانَ قَدْ قَسَمَ بَعْضَ الْمَالِ وَ تَرَكَ بَعْضاً مُهْمَلًا وَ لَكِنَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ أَرَادَ بِهَذَا أَنْ يُوصِلَ الْكَلَامَ إِلَى مُنْتَهَى قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ كُلِّهِ فَقَالَ- وَ إِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَ لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَصَارَ الْمَالُ كُلُّهُ مَقْسُوماً بَيْنَ الْبَنَاتِ وَ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ فَكَانَ مَا يَفْضُلُ مِنَ الْمَالِ مَعَ الِابْنَةِ الْوَاحِدَةِ رَدّاً عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمُ الَّتِي قَسَمَهَا اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ وَ كَانَ حُكْمُهُمْ فِيمَا بَقِيَ مِنَ الْمَالِ كَحُكْمِ مَا قَسَمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى نَحْوِ مَا قَسَمَهُ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ أُولُو الْأَرْحَامِ وَ هُمْ أَقْرَبُ الْأَقْرَبِينَ وَ صَارَتِ الْقِسْمَةُ لِلْبَنَاتِ النِّصْفُ وَ الثُّلُثَانِ مَعَ الْأَبَوَيْنِ فَقَطْ وَ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَبَوَانِ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِلْوَلَدِ بِغَيْرِ سِهَامٍ إِلَّا مَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِلْأَزْوَاجِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ وَ قُلْنَا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّمَا جَعَلَ الْمَالَ كُلَّهُ لِلْوَلَدِ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الْأَبَوَيْنِ وَ الزَّوْجَيْنِ وَ قَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي أَمْرِ الِابْنَتَيْنِ مِنْ أَيْنَ جُعِلَ لَهُمَا الثُّلُثَانِ وَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ إِنَّمَا
[1] النساء: 11.