قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ قَالَ فَلَمَّا عَزَمَ عَلَى الذَّبْحِ قَالَ يَا أَبَتِ خَمِّرْ وَجْهِي وَ شُدَّ وَثَاقِي قَالَ يَا بُنَيَّ الْوَثَاقُ مَعَ الذَّبْحِ وَ اللَّهِ لَا أَجْمَعُهُمَا عَلَيْكَ الْيَوْمَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع فَطَرَحَ لَهُ قُرْطَانَ الْحِمَارِ ثُمَّ أَضْجَعَهُ عَلَيْهِ وَ أَخَذَ الْمُدْيَةَ[1] فَوَضَعَهَا عَلَى حَلْقِهِ قَالَ فَأَقْبَلَ شَيْخٌ فَقَالَ مَا تُرِيدُ مِنْ هَذَا الْغُلَامِ قَالَ أُرِيدُ أَنْ أَذْبَحَهُ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ غُلَامٌ لَمْ يَعْصِ اللَّهَ طَرْفَةَ عَيْنٍ تَذْبَحُهُ فَقَالَ نَعَمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَنِي بِذَبْحِهِ فَقَالَ بَلْ رَبُّكَ نَهَاكَ عَنْ ذَبْحِهِ وَ إِنَّمَا أَمَرَكَ بِهَذَا الشَّيْطَانُ فِي مَنَامِكَ قَالَ وَيْلَكَ الْكَلَامُ الَّذِي سَمِعْتُ هُوَ الَّذِي بَلَغَ بِي مَا تَرَى لَا وَ اللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ ثُمَّ عَزَمَ عَلَى الذَّبْحِ فَقَالَ الشَّيْخُ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّكَ إِمَامٌ يُقْتَدَى بِكَ فَإِنْ ذَبَحْتَ وَلَدَكَ ذَبَحَ النَّاسُ أَوْلَادَهُمْ فَمَهْلًا فَأَبَى أَنْ يُكَلِّمَهُ قَالَ أَبُو بَصِيرٍ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ فَأَضْجَعَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى ثُمَّ أَخَذَ الْمُدْيَةَ فَوَضَعَهَا عَلَى حَلْقِهِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ انْتَحَى[2] عَلَيْهِ فَقَلَبَهَا جَبْرَئِيلُ ع عَنْ حَلْقِهِ فَنَظَرَ إِبْرَاهِيمُ فَإِذَا هِيَ مَقْلُوبَةٌ فَقَلَبَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَى خَدِّهَا وَ قَلَبَهَا جَبْرَئِيلُ عَلَى قَفَاهَا فَفَعَلَ ذَلِكَ مِرَاراً ثُمَّ نُودِيَ مِنْ مَيْسَرَةِ مَسْجِدِ الْخَيْفِ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا وَ اجْتَرَّ الْغُلَامَ مِنْ تَحْتِهِ وَ تَنَاوَلَ جَبْرَئِيلُ الْكَبْشَ مِنْ قُلَّةِ ثَبِيرٍ[3]- فَوَضَعَهُ تَحْتَهُ وَ خَرَجَ الشَّيْخُ الْخَبِيثُ حَتَّى لَحِقَ بِالْعَجُوزِ حِينَ نَظَرَتْ إِلَى الْبَيْتِ وَ الْبَيْتُ فِي وَسَطِ الْوَادِي فَقَالَ مَا شَيْخٌ رَأَيْتُهُ بِمِنًى فَنَعَتَ نَعْتَ إِبْرَاهِيمَ قَالَتْ ذَاكَ بَعْلِي قَالَ فَمَا وَصِيفٌ رَأَيْتُهُ مَعَهُ[4] وَ نَعَتَ نَعْتَهُ قَالَتْ ذَاكَ ابْنِي قَالَ فَإِنِّي رَأَيْتُهُ أَضْجَعَهُ وَ أَخَذَ الْمُدْيَةَ لِيَذْبَحَهُ قَالَتْ كَلَّا مَا رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا أَرْحَمَ النَّاسِ وَ كَيْفَ رَأَيْتَهُ يَذْبَحُ ابْنَهُ قَالَ وَ رَبِّ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ رَبِّ هَذِهِ الْبَنِيَّةِ لَقَدْ رَأَيْتُهُ أَضْجَعَهُ وَ أَخَذَ الْمُدْيَةَ لِيَذْبَحَهُ قَالَتْ لِمَ قَالَ زَعَمَ أَنَّ رَبَّهُ أَمَرَهُ بِذَبْحِهِ قَالَتْ فَحَقٌّ لَهُ أَنْ يُطِيعَ رَبَّهُ قَالَ فَلَمَّا قَضَتْ مَنَاسِكَهَا فَرِقَتْ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَزَلَ فِي ابْنِهَا شَيْءٌ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهَا مُسْرِعَةً فِي الْوَادِي وَاضِعَةً يَدَهَا عَلَى
[1] القرطاط- بالضم-: البرذعة و كذلك القرطان. و هي الحلس الذي يلقى تحت الرجل و بالفارسية( پالان). و المدية- مثلثة- السكين المعظمة.
[2] الانتحاء. الاعتماد و الميل على الشيء. يقال: انتحى على سيفه إذا اعتمد عليه.( فى)
[3] الثبير- كامير-: جبل بمكّة يقال: أشرق ثبير كيما نعير.( الصحاح)
[4] الوصيف: الخادم غلاما كان او جارية.( فى)
فروع الكافي- 13-