اسم الکتاب : الكافي- ط الاسلامية المؤلف : الشيخ الكليني الجزء : 1 صفحة : 4
الذكر و دلّهم على سبيل الهدى من بعده
بمناهج و دواع أسّس للعباد أساسها[1] و منائر رفع لهم أعلامها،
لكيلا يضلّوا من بعده، و كان بهم رءوفا رحيما.
فلمّا
انقضت مدّته، و استكملت أيّامه، توفّاه اللّه و قبضه إليه، و هو عند اللّه مرضيّ
عمله، وافر حظّه، عظيم خطره، فمضى صلّى اللّه عليه و آله و خلّف في أمّته كتاب
اللّه و وصيّه أمير المؤمنين، و إمام المتّقين صلوات اللّه عليه، صاحبين مؤتلفين،
يشهد كلّ واحد منهما لصاحبه بالتصديق، ينطق الإمام عن اللّه في الكتاب، بما أوجب
اللّه فيه على العباد، من طاعته، و طاعة الإمام و ولايته، و واجب حقّه، الّذى أراد
من استكمال دينه، و إظهار أمره، و الاحتجاج بحججه، و الاستضاءة بنوره، في معادن
أهل صفوته و مصطفى أهل خيرته.
فأوضح
اللّه بأئمّة الهدى من أهل بيت نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله عن دينه، و أبلج بهم
عن سبيل مناهجه[2] و فتح بهم
عن باطن ينابيع علمه، و جعلهم مسالك لمعرفته، و معالم لدينه، و حجّابا بينه و بين
خلقه، و الباب المؤدّي إلى معرفة حقّه، و أطلعهم على المكنون من غيب سرّه.
كلّما
مضى منهم إمام، نصب لخلقه من عقبه إماما بيّنا، و هاديا نيّرا، و إماما قيّما[3]، يَهْدُونَ
بِالْحَقِ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ*، حجج اللّه و دعاته، و رعاته على خلقه،
يدين بهديهم العباد[4]، و يستهلّ
بنورهم البلاد، جعلهم اللّه حياة للأنام، و مصابيح للظلام و مفاتيح للكلام، و
دعائم للإسلام، و جعل نظام طاعته و تمام فرضه التسليم لهم فيما علم، و الردّ إليهم
فيما جهل، و حظر على غيرهم التهجّم على القول بما يجهلون[5]
و منعهم جحد ما لا يعلمون، لما أراد تبارك و تعالى من استنقاذ من شاء من خلقه، من
ملمّات
[1] الضمير راجع الى المناهج و الدواعى، و المراد بسبيل الهدى
منهج الشرع القويم و بالمناهج و الدواعى أوصياؤه عليهم السلام و بالتأسيس نصب
الأدلة على خلافتهم.( آت).
[2] أبلج: اي أوضح من البلوج و هو الظهور و الاشراق و المراد
بالمناهج كل ما يتقرب به إليه سبحانه( آت).