اسم الکتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 467
إنّ الحديث تضمن أحكاماً ثلاثة:
الاَوّل: منع النساء عن زيارة القبور.
الثاني: منع اتخاذ القبور مساجد.
الثالث: منع إضاءة القبور بالسروج.
أمّا الاَوّل: فلو افترضنا صحّته فانّه منسوخ بما قام به النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في أُخريات حياته، فقد زار البقيع مع زوجته عائشة، حيث روت
عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انّه قالص: إنّ جبرئيل أتاه، فقال له: إنّ ربّك
يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم، قال: قلت: كيف أقول لهم يا رسول اللّه؟
قال: قولي : السَّلام على أهل الديار من الموَمنين والمسلمين ويرحم اللّه
المستقدمين منّا والمستأخرين، وإنّا إن شاء اللّه بكم لاحقون. [1]
وأمّا الثاني: فهو يخالف القرآن الكريم حيث إنّ التأمل في قصة أصحاب
الكهف يكشف لنا انّ بناء المسجد بجوار القبر كان سنة متبعة عند الاَُمم وفي
الشرائع السماوية السابقة، وقد أشار إليها القرآن من دون أي ردّ أو نقد، بل ربّما
يظهر منه الاِمضاء وذلك انّ أصحاب الكهف عندما انكشف خبرهم بعد
ثلاثمائة وتسع سنين، اختلف الناس في كيفية تكريمهم إلى طائفتين، فقالت
طائفة: ( ابنوا علَيهِم بُنياناً) تخليداً لذكراهم.
وقالت أُخرى:(لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً) حتى يكون محلاً لعبادة اللّه تعالى
بجوار قبور هوَلاء الذين رفضوا عبادة غير اللّه، وخرجوا من ديارهم هاربين من
الكفر إلى طاعة اللّه.
وقد أجمع المفسرون على أنّالاقتراح الاَوّل كان من المشركين، والاقتراح