responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 239

سألته عنه، فقال لي: أي بُنيّوما ينصبك منه انّه لن يضرك؟ قال: قلت: إنّهم يزعمون أنّ معه أنهار الماء وجبال الخبز، قال: هو أهون على اللّه من ذلك. [1]

لا شكّ انّاللّه سبحانه أقدرُ على ذلك وأهون عليه وانّكلّممكن بالنسبة إليه سواء فلا يتصور فيه اليسر ولا العسر إذا كان الشيء بذاته أمراً ممكناً غير ممتنع. وقال علي (عليه السلام) : «ما الجليل واللطيف والثقيل والخفيف والقوي والضعيف في خلقه إلاّ سواء». [2] ولكن الكلام في أنّه هل من الممكن عقلاً و منطقاً تزويد الدجال المضلّ بتلك الكرامات الكبيرة والمعجزات الباهرة التي هي خير ذريعة لاِضلال الناس؟

وبعبارة أُخرى: انّ تزويده بتلك القُدُرات الخارقة للعادة، يوجب التفاف الناس حوله وإيمانهم به وبدعوته، وهو غير جائز ببداهة العقل إذ معنى ذلك إنّه سبحانه مهد الطريق لاِضلال الناس، وحكمته سبحانه تصدّنا عن تجويزه عليه قال سبحانه: (وَلَو تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الاََقاوِيل* لاََخَذْنا مِنْهُ بِاليَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الوَتِينَ* فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) (الحاقة|44ـ47).

ومفاد الآية: انّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما كان صاحب معاجز وكرامات باهرة فالناس بطبعهم يلتفون حوله ويرون ذلك دليلاً على اتصاله باللّه وكونه سفيراً من قبله، فلو تقوّل ـ والعياذ باللّه ـ على اللّه سبحانه والحال هذه، فمقتضى حكمته أن يأخذ منه باليمين ويقطع منه الوتين بلا تريّث وتردد.

ومع ذلك فكيف يزوّد دجال العصر الذي أخبر عنه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في غير واحد من أحاديثه بهذه القدرات الغيبية ويُمهله مدّة مديدة لاِضلال الناس ولا يأخذ منه باليمين ولا يقطع منه الوتين؟!


[1] صحيح مسلم: 6|177، باب جواز قوله لغيره يا بني.
[2] نهج البلاغة، الخطبة 185.

اسم الکتاب : الحديث النبوي بين الرواية والدراية المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 239
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست