اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 74
من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر )
والتي هي من أهل الحيض ليست بيائسة ، وهذا الرأي فيه عسر وحرج ، ولو
قيل انها تعتد بثلاثة أشهر لكان جيدا إذا فهم من اليائسة التي لا يقطع
بانقطاع حيضتها .
وكان قوله
﴿ إن ارتبتم ﴾
راجعا إلى الحكم لا إلى الحيض على ما تأوله مالك ك عليه ، فكأن
مالكا لم يطابق مذهبه تأويله الآية ، فإنه فهم من اليائسة هنا من تقطع على
أنها ليست من أهل الحيض ، وهذا لا يكون إلا من قبل السن ، ولذلك جعل قوله
﴿ إن ارتبتم ﴾
راجعا إلى الحكم لا إلى الحيض ، أي إن شككتم في حكمهن ، ثم قال في التي تبقى تسعة أشهر لا تحيض وهي في سن من تحيض أنها تعتدبالاشهر .
وأما إسماعيل وابن بكير من أصحابه ، فذهبوا إلى أن الريبة ههنا في
الحيض ، وأن اليائس في كلام العرب هو ما لم يحكم عليه بما يئس منه بالقطع ،
فطابقوا تأويل الآية مذهبهم الذي هو مذهب مالك ، ونعم ما فعلوا لانه إن
فهم ههنا من اليائس القطع فقد يجب أن تنتظر الدم وتعتد به حتى تكون في هذا
السن : أعني سن اليائس ، وإن فهم من اليائس ما لا يقطع بذلك فقد يجب أن
تعتد التي انقطع دمها عن العادة وهي في سن من تحيض بالاشهر ، وهو قياس قول
أهل الظاهر ، لان اليائسة في الطرفين ليس هي عندهم من أهل العدة لا
بالاقراء ولا بالشهور .
أما الفرق في ذلك بين ما قبل التسعة وما بعدها فاستحسان .
وأما التي ارتفعت حيضتها لسبب معلوم مثل رضاع أو مرض ، فإن المشهور
عند مالك أنها تنتظر الحيض ، قصر الزمان أم طال ، وقد قيل إن المريضة مثل
التي ترتفع حيضتها لغير سبب ، وأما المستحاضة فعدتها عند مالك سنة إذا لم
تميز بين الدمين ، فإن ميزت بين الدمين فعنه روايتان : إحداهما أن عدتها
السنة .
والاخرى أنها تعمل على التمييز فتعتد بالاقراء ، وقال أبو حنيفة
عدتها الاقراء إن تميزت لها ، وإن لم تتميز لها فثلاثة أشهر ، وقال الشافعي
: عدتها بالتمييز إذا انفصل عنها الدم ، فيكون الاحمر القاني من الحيضة ،
ويكون الاصفر من أيام الطهر فإن طبق عليها الدم اعتدت بعدد أيام حيضتها في
صحتها .
وإنما ذهب مالك إلى بقاء السنة لانه جعلها مثل التي لا تحيض وهي من
أهل الحيض ، والشافعي إنما ذهب في العارفة أيامها أنها تعمل على معرفتها
قياسا على الصلاة لقول ( ص ) للمستحاضة : اتركي الصلاة أيام أقرائك فإذا
ذهب عنك قدرها فاغسلي الدم .
وإنما اعتبر التمييز لقوله ( ص ) لفاطمة بنت حبيش إذا كان دم الحيض
فإنه دم أسود يعرف ، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة ، فإذا كان الآخر فتوضئ
وصلى فإنما هو عرق خرجه أبو داود ، وإنما ذهب من ذهب إلى عدتها بالشهور
إذا اختلط عليها الدم ، لانه معلوم في الاغلب أنها في كل شهر تحيض ، وقد
جعل الله العدة بالشهور عند ارتفاع الحيض ، وخفاؤه كارتفاعه .
وأما المسترابة : أعني الت
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 74