اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 64
أن يقع أو لا يقع على السواء كدخول الدار وقدوم زيد ، فهذا يقف وقوع الطلاق فيه على وجود الشرط بلا خلاف .
وأما ما لا بد من وقوعه كطلوع الشمس غدا ، فهذ يقع ناجزا عند مالك ،
ويقف وقوعه عند الشافعي وأبي حنيفة على وجود الشرط ، فمن شبهه بالشرط
الممكن الوقوع قال : لا يقع إلا بوقوع الشرط ، ومن شبهه بالوطئ الواقع في
الاجل بنكاح المتعة لكونه وطئا مستباحا إلى أجل قال : يقع الطلاق ، الثالث
هو الاغلب منه بحسب العادة وقوع الشرط ، وقد لا يقع كتعليق الطلاق بوضع
الحمل ومجئ الحيض والطهر ، ففي ذلك روايتان عن مالك : إحداهما : وقوع
الطلاق ناجزا ، والثانية : وقوعه على وجود شرطه ، وهو الذي يأتي على مذهب
أبي حنيفة والشافعي ، والقول بإنجاز الطلاق في هذا يضعف لانه مشبه عنده بما
يقع ولا بد ، والخلاف فيه قوي .
وأما تعليق الطلاق بالشرط المجهول الوجود فإن كان لا سبيل إلى علمه
مثل أن يقول : إن كان خلق الله اليوم في بحر القلزم حوتا بصفة كذا فأنت
طالق .
فلا خلاف أعلمه في المذهب أن الطلاق يقع في هذا ، وأما إن علقه بشئ
يمكن أن يعلم بخروجه إلى الوجود مثل أن يقول : إن ولدت أنثى فأنت طالق فإن
الطلاق يتوقف على خروج ذلك الشئ إلى الوجود .
وأما إن حلف بالطلاق أنها تلد أنثى ، فإن الطلاق في الحين يقع عنده
وإن ولدت أنثى ، وكان هذا من باب التغليظ ، والقياس يوجب أن يوقف الطلاق
على خروج ذلك الشئ أو ضده .
ومن قول مالك إنه إذا أوجب الطلاق على نفسه بشرط أن يفعل فعلا من
الافعال أنه لا يحنث حتى يفعل ذلك الفعل ، وإذا أوجب الطلاق على نفسه بشرط
ترك فعل من الافعال فإنه على الحنث حتى يفعل ويوقف عنده عن وطئ زوجته ، فإن
امتنع عن ذلك الفعل أكثر من مدةأجل الايلاء ضرب له أجل الايلاء ولكن لا
يقع عنده حتى يفوت الفعل إن كان مما يقع فوته ، ومن العلماء من يرى أنه على
بر حتى يفوت الفعل ، وإن كان مما لا يفوت كان على البر حتى يموت .
ومن هذا الباب اختلافهم في تبعيض المطلقة ، أو تبعيض الطلاق وإرداف الطلاق على الطلاق .
فأما مسألة تبعيض المطلقة ، فإن مالكا قال إذا قال يدك أو رجلك أو
شعرك طالق طلقت عليه ، وقال أبو حنيفة : لا تطلق إلا بذكر عضو يعبر به عن
جملة البدن كالرأس والقلب والفرج ، وكذلك تطلق عنده إذا طلق الجزء منها ،
مثل الثلث أو الربع ، وقال داود : لا تطلق ، وكذلك إذا قال عند مالك :
طلقتك نصف تطليقة طلقت ، لان هذا كله عنده لا يتبعض ، وعند المخالف إذا
تبعض لم يقع وأما إذا قال لغير المدخول بها : أنت طالق أنت طالق أنت طالق
نسقا ، فإنه يكون ثلاثا عند مالك ، وقال أبو حنيفة والشافعي : يقع واحدة
فمن شبه تكرار اللفظ بلفظه بالعدد ، أعني بقوله طلقتك ثلاثا قال : يقع
الطلاق ثلاثا ، ومن رأى أنه باللفظة الواحدة قد بانت منه قال : لا يقع
عليها الثاني والثالث .
ولا خلاف بين المسلمين في ارتدافه في الطلاق الرجعي .
وأما الطلاق المقيد بالاستثناء فإنما يتصور في العدد فقط ، فإذا طلق
أعدادا من الطلاق ، فلا يخلو من ثلاثة أحوال : إما أن يستثني ذلك العدد
بعينه ، مثل أن يقول : أنت طالق
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 64