اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 61
ألفاظ الطلاق : أعني اشتراط النية مع اللفظ ، أو بانفراد أحدهما ،
فالمشهور عن مالك أن الطلاق لا يقع إلا باللفظ والنية ، وبه قال أبو حنيفة
، وقد روي عنه أنه يقع باللفظ دون النية ، وعند الشافعي أن لفظ الطلاق
الصريح لا يحتاج إلى نية ، فمن اكتفى بالنية احتج بقوله ( ص ) إنما الاعمال
بالنيات ومن لم يعتبر النية دون اللفظ احتج بقوله عليه الصلاة والسلام رفع
عن أمتي الخطأ والنسيان وما حدثت به أنفسها والنية دون قول حديث نفس .
قال : وليس يلزم من اشتراط النية في العمل في الحديث المتقدم أن تكون النية كافية بنفسها .
واختلف المذهب هل يقع بلفظ الطلاق في المدخول بها طلاق بائن إذا قصد
ذلك المطلق ولم يكن هنالك عوض ؟ فقيل يقع ، وقيل لا يقع ، وهذه المسألة من
مسائل أحكام صريح ألفا الطلاق وأما ألفاظ الطلاق التي ليست بصريح ، فمنها
ما هي كناية ظاهرة عند مالك ، ومنها ما هي كناية محتملة .
ومذهب مالك أنه إذا ادعى في الكناية الظاهرة أنه لم يرد طلاقا لم
يقبل قوله إلا أن تكون هنالك قرينة تدل على ذلك كرأيه في الصريح ، وكذلك لا
يقبل عنده ما يدعيه من دون الثلاث في الكنايات الظاهرة وذلك في المدخول
بها إلا أن يكون قال ذلك في الخلع .
وأما غير المدخول بها فيصدقه في الكناية الظاهرة فيما دون الثلاث ،
لان طلاق غير المدخول بها بائن ، وهذه هي مثل قولهم : حبلك على غاربك ،
ومثل البتة ، ومثل قولهم : أنت خلية وبرية .
وأما مذهب الشافعي في الكنايات الظاهرة فإنه يرجع في ذلك إلى ما
نواه ، فإن كان نوى طلاقا كان طلاقا وإن كان نوى ثلاثا كان ثلاثا أو واحدة
كان واحدة ، ويصدق في ذلك .
وقول أبي حنيفة في ذلك مثل قول الشافعي ، إلا أنه على أصله واحدة أو
اثنتين وقع عندهطلقة واحدة بائنة ، وإن اقترنت به قرينة تدل على الطلاق
وزعم أنه لم ينوه لم يصدق ، وذلك إذا كان عنده في مذاكراته الطلاق .
وأبو حنيفة يطلق بالكنايات كلها إذا اقترنت بها هذه القرينة إلا أربع : حبلك على غاربك ، واعتدي ، واستبرئي .
وتقنعي ، لانها عنده من المحتملة غير الظاهرة .
وأما ألفاظ الطلاق المحتملة غير الظاهرة فعند مالك أنه يعتبر فيها
نيته كالحال عند الشافعي في الكناية الظاهرة ، وخالفه في ذلك جمهور العلماء
فقالوا : ليس فيها شئ وإن نوى طلاقا فيحصل في الكنايات الظاهرة ثلاثة
أقوال : قول أن يصدق بإطلاق .
وهو قول الشافعي ، وقول إنه لا يصدق بإطلاق إلا أن يكون هنالك قرينة
وهو قول مالك ، وقول إنه يصدق إلا أن يكون في مذاكرة الطلاق ، وهو قول أبي
حنيفة .
وفي المذهب خلاف في مسائل يتردد حملها بين الظاهر والمحتمل ، وبين
قوتها وضعفها في الدلالة على صفة البينونة فوقع فيها الاختلاف وهي راجعة
إلى هذه الاصول ، وإنما صار مالك إلى أنلا يقبل قوله في الكنايات الظاهرة
إنه لم يرد به طلاقا ، لان العرف اللغوي والشرعي
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 61