اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 389
الشئ من يده أن يخاصم فله أن يرجع بثمنه على البائع ، وإن كان يحتاج في
رجوعه به على البائع أن يوافقه عليه فيثبت شراءه منه إن أنكره ، أو يعترف
له به إن أقره فللمستحق من يده أن يأخذ الشئ من المستحق ويترك قيمته بيد
المستحق . وقال الشافعي : يشتريه منه . فإن عطب في يد المستحق فهو ضامن له ،
وإن عطب في أثناء الحكم : ممن ضمانه ؟ اختلف في ذلك ، فقيل : إن عطب بعد
الثبات فضمانه من المستحق وقيل : إنما يضمن المستحق بعد الحكم . وأما بعد
الثبات وقبل الحكم فهو من المستحق منه ، قال القاضي رضي الله عنه : وينبغي
أن تعلم أن الاحكام الشرعية تنقسم قسمين : قسم يقضي به الحكام وجل ما
ذكرناه في هذا الكتاب هو داخل في هذا القسم ، وقسم لا يقضي به الحكام ،
وهذا أكثره هو داخل في المندوب إليه . وهذا الجنس من الاحكام هو مثل رد
السلام وتشميت العاطس وغير ذلك مما يذكره الفقهاء في أواخر كتبهم التى
يعرفونها بالجوامع ، ونحن فقد رأينا أن نذكر أيضا من هذا الجنس المشهور منه
إن شاء الله تعالى . وأما ما ينبغي قبل هذا أن تعلم أن السنن المشروعة
العملية المقصود منها هو الفضائل النفسانية ، فمنها ما يرجع إلى تعظيم من
يجب تعظيمه وشكر من يجب شكره ، وفي هذا الجنس تدخل العبادات . وهذه هي
السنن الكرامية ، ومنها ما يرجع إلى الفضيلة التي تسمى عفة وهذه صنفان :
السنن الواردة في المطعم والمشرب ، والسنن الواردة في المناكح ، ومنها ما
يرجع إلى طلب العدل والكف عن الجور . فهذه هي أجناس السنن التي تقتضي العدل
في الاموال ، والتي تقتضي العدل في الابدان ، وفي هذا الجنس يدخل القصاص
والحروب والعقوبات . لان هذه كلها إنما يطلب بها العدل ، ومنها السنن
الواردة في الاعراض ، ومنها السنن الواردة في جميع الاموال وتقويمها ، وهي
التي يقصد بها طلب الفضيلة التي تسمى السخاء ، وتجنب الرذيلة التي تسمى
البخل . والزكاة تدخل في هذا الباب من وجه ، وتدخل في باب الاشتراك في
الاموال ، وكذلك الامر في الصدقات . ومنها سنن واردة في الاجتماع الذي هو
شرط في حياة الانسان وحفظ فضائله العملية والعلمية ، وهي المعبر عنها
بالرياسة ، ولذلك لزم أيضا أن تكون سنن الائمة والقوام بالدين . ومن السنة
المهمة في حين الاجتماع السنن الواردة في المحبة والبغضة والتعاون على
إقامة هذه السنن ، وهو الذي يسمى : النهي عن المنكر والامر بالمعروف ، وهي
المحبة والبغضة : أي الدينية التي تكون إما من قبل الاخلال بهذه السنن ،
وإما من قبل سوء المعتقد في الشريعة . وأكثر ما يذكر الفقهاء في الجوامع من
كتبهم ما شذ عن الاجناس الاربعة التي هي فضيلة العفة وفضيلة العدل وفضيلة
الشجاعة وفضيلة السخاء ، والعبادة التى هي كالشروط في تثبيت هذه الفضائل .
كمل كتاب الاقضية ، وبكماله كمل جميع الديوان ، والحمد لله كثيرا على ذلك
كما هو أهله .