اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 375
الاسلام إلى أرض الحرب .
والذي يظهر هو أن النفي تغريبهم عن وطنهم لقوله تعالى :
﴿ ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ﴾
الآية .
فسوى بين النفي والقتل .
وهي عقوبة معروفة بالعادة من العقوبات كالضرب والقتل ، وكا ما يقال فيه سوى هذا فليس معروفا لا بالعادة ولا بالعرف .
الباب الرابع : في مسقط الواجب عنه من التوبة
وأما ما يسقط الحق الواجب عليه فإن الاصل فيه قوله تعالى :
﴿ إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ﴾
واختلف من ذلك في أربعة مواضع : أحدها : هل تقبل توبته ؟ والثاني :
إن قبلت فما صفة المحارب الذي تقبل توبته ؟ فإن لاهل العلم في ذلك قولين :
قول إنه تقبل توبته وهو أشهر لقوله تعالى :
﴿ إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ﴾
وقول : إنه لا تقبل توبته قال ذلك من قال إن الآية لم تنزل في المحاربين .
وأمصفة التوبة التي تسقط الحكم إنهم اختلفوا فيها على ثلاثة أقوال :
أحدها : أن توبته تكون بوجهين : أحدهما : أن يترك ما هو عليه وإن لم يأت
الامام ، والثاني : أن يلقي سلاحه ويأتي الامام طائعا وهو مذهب ابن القاسم .
والقول الثاني : أن توبته إنما تكون بأن يترك ما هو عليه ويجلس في
موضعه ويظهر لجيرانه ، وإن أتى الامام قبل أن تظهر توبته أقام عليه الحد ،
وهذا قول ابن الماجشون .
والقول الثالث : إن توبته إنما تكون بالمجئ إلى الامام ، وإن ترك ما
هو عليه لم يسقط ذلك عنه حكما من الاحكام إن أخذ قبل أن يأتي الامام ،
وتحصيل ذلك هو أن توبته قيل : إنها تكون بأن يأتي الامام قبل أن يقدر عليه ،
وقيل : إنها تكون إذا ظهرت توبته قبل القدرة فقط ، وقيل : تكون بالامرين
جميعا .
وأما صفة المحارب الذي تقبل توبته ، فإنهم اختلفوا فيها أيضا على ثلاثة أقوال : أحدها : أن يلحق بدار الحرب .
والثاني : أن تكون له فئة .
والثالث : كيفما كانت له فئة أو لم تكن لحق بدار الحرب أو لم يلحق .
واختلف في المحارب إذا امتنع فأمنه الامام علىأن ينزل ، فقيل : له
الامان ويسقط عنه حد الحرابة ، وقيل : لا أمان له لانه إنما يؤمن المشرك .
وأما ما تسقط عنه التوبة ، فاختلفوا في ذلك على أربعة أقوال : أحدها
: أن التوبة إنما تسقط عنه حد الحرابة فقط ، ويؤخذ بما سوى ذلك من حقوق
الله وحقوق الآدميين ، وهو قول مالك .
والقول الثاني : أن التوبة تسقط عنه حد الحرابة وجميع حقوق الله من
الزنا والشراب والقطع في السرقة ، ويتبع بحقوق الناس من الاموال والدماء
إلا أن يعفو أولياء المقتول .
والثالث : أن التوبة ترفع جميع حقوق الله ، ويؤخذ بالدماء وفي الاموال بما وجد بعينه في أيديهم ولا تتبع ذممهم .
والقول الرابع : أن التوبة تسقط جميع حقوق الله وحقوق الآدميين من مال ودم إلا ما كان
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 375