اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 371
سرق من الغنم أو من بيت المال .
فقال مالك : يقطع ، وقال عبد الملك من أصحابه : لا يقطع .
فهذا هو قول في الاشياء التي يجب بها ما يجب في هذه الجناية .
القول في الواجب وأما الواجب في هذه الجناية إذا وجدت بالصفات التي
ذكرنا ، أعني الموجودة في السارق وفي الشئ المسروق وفي صفة السرقة ، فإنهم
اتفقوا على أن الواجب فيه القطع من حيث هي جناية ، والغرم إذا لم يجب القطع
.
واختلفوا هل يجمع الغرم مع القطع ؟ فقال قوم : عليه الغرم مع القطع ،
وبه قال الشافعي وأحمد والليث وأبو ثور وجماعة ، وقال قوم : ليس عليه غرم
إذا لم يجد المسروق منه متاعه بعينه ، وممن قال بهذا القول أبو حنيفة
والثوري وابن أبي ليلى وجماعة ، وفرق مالك وأصحابه فقال : إن كان موسرا
أتبع السارق بقيمة المسروق ، وإن كان معسرا لم يتبع إذا أثرى ، واشترط مالك
دوام اليسر إلى يوم القطع فيما حكى عنه ابن القاسم .
فعمدة من جمع بين الامرين أنه اجتمع في السرقة حقان : حق لله ، وحق
للآدمي ، فاقتضى كل حق موجبه ، وأيضا فإنهم لما أجمعوا على أخذه منه إذا
وجد بعينه لزم إذا لم يوجد بعينه عنده أن يكون في ضمانه قياسا على سائر
الاموال الواجبة .
وعمدة الكوفيين : حديث عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله ( ص ) قال :
لا يغرم السارق إذا أقيم عليه الحد وهذا الحديث مضعف عند أهل الحديث .
قال أبو عمر : لانه عندهم مقطوع ، قال : وقد وصله بعضهم وخرجه النسائي .
والكوفيون يقولون : إن اجتماع حقين في حق واحد مخالف للاصول ،
ويقولون إن القطع هو بدل من الغرم ، ومن هنا يرون إذا سرق شيئا ما فقطع فيه
ثم سرقه ثانيا أنه لا يقطع فيه .
وأما تفرقة مالك فاستحسان على غير قياس .
وأما القطع فالنظر في محله وفيمن سرق وقد عدم المحل .
أما محل القطع فهو اليد اليمين باتفاق من الكوع ، وهو الذي عليهالجمهور ، وقال قوم : الاصابع فقط .
فأما إذا سرق من قد قطعت يده اليمنى في السرقة ، فإنهم اختلفوا في
ذلك فقال أهل الحجاز والعراق : تقطع رجله اليسرى بعد اليد اليمنى ، وقال
بعض أهل الظاهر وبعض التابعين : تقطع اليد اليسرى بعد اليمنى ، ولا يقطع
منه غير ذلك .
واختلف مالك والشافعي وأبو حنيفة بعد اتفاقهم على قطع الرجل اليسرى بعد اليد اليمنى .
هل يقف القطع إن سرق ثالثة أم لا ؟ فقال سفيان وأبو حنيفة : يقف
القطع في الرجل ، وإنما عليه في الثالثة الغرم فقط ، وقال مالك والشافعي :
إن سرق ثالثة قطعت يده اليسرى ، ثم إن سرق رابعة قطعت رجله اليمنى ، وكلا
القولين مروي عن عمر وأبي بكر ، أعني قول مالك وأبي حنيفة .
فعمدة من لم ير إلا قطع اليد قوله تعالى :
﴿ والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ﴾
ولم يذكر الارجل إلا في المحاربين فقط .
وعمدة من قطع الرجل بعد اليد ما روي أن النبي ( ص ) أتي بعبد سرق فقطع
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 371