اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 369
عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي بمعنى حديث عمرو بن شعيب .
وعمدة أهل الظاهر : عموم قوله تعالى :
﴿ والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ﴾
الآية .
قالوا : فوجب أن تحمل الآية على عمومها ، إلا ما خصصته السنة الثابتة ذلك .
وقد خصصت السنة الثابتة المقدار الذي يقطع فيه من الذي لا يقطع فيه .
وردوا حديث عمرو بن شعيب لموضع الاختلاف الواقع في أحاديث عمرو بن شعيب .
وقال أبو عمر بن عبد البر : أحاديث عمرو بن شعيب العمل بها واجب إذا رواها الثقات .
وأما الحرز عند الذين أوجبوه فإنهم اتفقوا منه على أشياء واختلفوا
في أشياء ، مثل اتفاقهم على أن باب البيت وغلقه حرز واختلافهم في الاوعية .
ومثل اتفاقهم على من سرق من بيت دار غير مشتركة السكنى أنه لا يقطع
حتى يخرج من الدار ، واختلافهم في الدار المشتركة ، فقال مالك وكثير ممن
اشترط الحرز : تقطع يد إذا أخرج من البيت ، وقال أبو يوسف ومحمد : لا قطع
عليه إلا إذا أخرج من الدار .
ومنها اختلافهم في القبر هل هو حرز حتى يجب القطع على النباش ، أو
ليس بحرز ؟ فقال مالك والشافعي وأحمد وجماعة : هو حرز ، وعلى النباش القطع ،
وبه قال عمر بن عبد العزيز ،وقال أبو حنيفة : لا قطع عليه ، وكذلك قال
سفيان الثوري ، وروي ذلك عن زيد بن ثابت والحرز عند مالك بالجملة هو كل شئ
جرت العادة بحفظ ذلك الشئ المسروق فيه ، فمرابط الدواب عنده أحراز ، وكذلك
الاوعية ، وما على الانسان من اللباس ، فالانسان حرز لكل ما عليه أو هو
عنده .
وإذا توسد النائم شيئا فهو له حرز على ما جاء في حديث صفوان بن أمية وسيأتي بعد ، وما أخذه من المنتبه فهو اختلاس .
ولا يقطع عند مالك سارق ما كان على الصبي من الحلي أو غيره إلا أن
يكومعه حافظ يحفظه ، ومن سرق من الكعبة شيئا لم يقطع عنده ، وكذلك من
المساجد ، وقد قيل في المذهب إنه إن سرق منها ليلا قطع .
وفروع هذا الباب كثيرة فيما هو حرز وما ليس بحرز .
واتفق القائلون بالحرز على أن كل من سمي مخرجا للشئ من حرزه وجب عليه القطع ، وسواء أكان داخل الحرز أو خارجه .
وإذا ترددت التسمية وقع الخلاف ، مثل اختلاف المذهب إذا كانا سارقان
: أحدهما : داخل البيت ، والآخر خارجه ، فقرب أحدهما المتاع المسروق إلى
ثقب في البيت فتناوله الآخر ، فقيل : القطع على الخارج المتناول له ، وقيل :
لا قطع على واحد منهما ، وقيل : القطع على المقرب للمتاع من الثقب .
والخلاف في هذا كله : آيل إلى انطلاق اسم المخرج من الحرز عليه أو لا انطلاقه .
فهذا هو القول في الحرز واشتراطه في وجوب القطع ، ومن رمى بالمسروق
من الحرز ثم أخذه خارج الحرز قطع ، وقد توقف مالك فيه إذا أخذ بعد رميه
وقبل أن يخرج ، وقال ابن القاسم : يقطع .
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 369