اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 362
كتاب القذف
النظر في هذا الكتاب : في القذف ، والقاذف ، والمقذوف ، وفي العقوبة الواجبة فيه ، وبماذا تثبت ، والاصل في هذا الكتاب قوله تعالى :
﴿ والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ﴾
الآية .
فأما القاذف فإنهم اتفقوا على أن من شرطه وصفين : وهما البلوغ والعقل ، وسواء أكان ذكرا أو أنثى ، حرا أو عبدا ، مسلما أو غير مسلم .
وأما المقذوف فاتفقوا على أن من شرطه أن يجتمع فيه خمسة أوصاف :
البلوغ والحرية والعفاف والاسلام ،وأن يكون معه آلة الزنا ، فإن انخرم من
هذه الاوصاف وصف لم يجب الحد ، والجمهور بالجملة على اشتراط الحرية في
المقذوف ، ويحتمل أن يدخل في ذلك خلاف ، ومالك يعتبر في سن المرأة أن تطيق
الوطئ .
وأما القذف الذي يجب به الحد ، فاتفقوا على وجهين : أحدهما : أن
يرمي القاذف المقذوف بالزنا ، والثاني : أن ينفيه عن نسبه إذا كانت أمه حرة
مسلمة ، واختلفوا إن كانت كافرة أو أمة ، فقال مالك : سواء أكانت حرة أو
أمة مسلمة أو كافرة يجب الحد .
وقال إبراهيم النخعي : لا حد عليه إذا كانت أم المقذوف أمة أو كتابية ، وهو قياس قول الشافعي وأبي حنيفة .
واتفقوا أن القذف إذا كان بهذين المعنيين أنه إذا كان بلفظ صريح وجب
الحد ، واختلفوا إن كان بتعريض ، فقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري وابن
أبي ليلى : لا حد في التعريض ، إلا أن أبا حنيفة والشافعي يريان فيه
التعزير ، وممن قال بقولهم من الصحابة ابن مسعود ، وقال مالك وأصحابه : في
التعريض الحد ، وهي مسألة وقعت في زمان عمر ، فشاور عمر فيها الصحابة ،
فاختلفوا فيها عليه .
فرأى عمر فيها الحد .
وعمدة مالك : أن الكناية قد تقوم بعرف العادة والاستعمال الصريح وإن كان اللفظ فيها مستعملا في غير موضعه أعني مقولا بالاستعارة .
وعمدة الجمهور : أن الاحتمال الذي في الاسم المستعار شبهة ، والحدود
تدرأ بالشبهات ، والحق أن الكناية قد تقوم في مواضع مقام النص ، وقد تضعف
في مواضع ، وذلك أنه إذا لم يكثر الاستعمال لها والذي يندرئ به الحد عن
القاذف أن يثبت زن
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 362