اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 355
كتاب في أحكام الزنا والنظر في أصول هذا الكتاب في حد الزنا ،
وفي أصناف الزناة ، وفي العقوبات لكل صنف منهم ، وفيما تثبت به هذه الفاحشة
.
الباب الاول : في حد الزنا
فأما الزنا فهو كل وطئ ، وقع على غير نكاح صحيح ولا شبهة نكاح ولا
ملك يمين ، وهذا متفق عليه بالجملة من علماء الاسلام ، وإن كانوا اختلفوا
فيما هو شبهة تدرأ الحدود مما ليس بشبهة دارئة ، وفي ذلك مسائل نذكر منها
أشهرها ، فمنها الامة يقع عليها الرجل وله فيها شرك ، فقال مالك : يدرأ عنه
الحد وإن ولدت ألحق الولد به وقومت عليه ، وبه قال أبو حنيفة وقال بعضهم :
يغزر ، وقال أبو ثور : عليه الحد كاملا إذا علم الحرمة ، وحجة الجماعة
قوله عليه الصلاة والسلام : ادرأوا الحدود بالشبهات والذين درأوا الحدود
اختلفوا هل يلزمه من صداق المثل بقدر نصيبه أم لا يلزم .
وسبب الخلاف : هل ذلك الذي يغلب منها حكمه على الجزء الذي لا يملك
أم حكم الذي لا يملك يغلب على حكم الذي يملك ؟ فإن حكم ما ملك الحلية ،
وحكم ما لم يملك الحرمية .
ومنها اختلافهم في الرجل المجاهد يطأ جارية من المغنم فقال قوم :
عليه الحد ، ودرأ قوم عنه الحد وهو أشبه والسبب في هذه وفي التي قبلها واحد
، والله أعلم .
ومنها أن يحل رجل لرجل وطئ خادمه ، فقال مالك : يدرأ عنه الحد ،
وقال غيره : يعزر ، وقال بعض الناس : بل هي هبة مقبوضة والرقبة تابعة للفرج
.
ومنها الرجل يقع على جارية ابنه أو ابنته ، فقال الجمهور : لا حد
عليه لقوله عليه الصلاة والسلام لرجل خاطبه : أنت ومالك لابيك ولقوله عليه
الصلاة والسلام : لا يقاد الوالد بالولد ولاجماعهم على أنه لا يقطع فيما
سرق منمال ولده ، ولذلك قالوا : تقوم عليه حملت أم لم تحمل لانها قد حرمت
على ابنه فكأنه استهلكها .
ومن الحجة لهم أيضا إجماعهم أن الاب لو قتل ابن ابنه لم يكن للابن أن يقتص من أبيه ، وكذلك كل من كان الابن له وليا .
ومنها الرجل يطأ جارية زوجته .
اختلف العلماء فيه على أربعة أقوال ، فقال مالك والجمهور : عليه الحد كاملا ،
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 355