اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 332
العبد كالحال في النفس ، ومنهم من رأى أنه يقتص لكل واحد منهما
من كل واحد ، ولم يفرق بين الجرح والنفس ، ومنهم من فرق : فقال يقتص من
الاعلى للادنى في النفس والجرح ومنهم من قال : يقتص من النفس دون الجرح ،
وعن مالك الروايتان .
الصواب كما يقتص من النفس أن يقتص من الجر .
فهذه هي حال العبيد مع الاحرار .
وأما حال العبيد بعضهم مع بعض ، فإن للعلماء فيهم ثلاثة أقوال :
أحدها : أن القصاص بينهم في النفس وما دونها ، وهو قول الشافعي وجماعة ،
وهو مروي عن عمر بن الخطاب ، وهو قول مالك .
والقول الثاني : أنه لا قصاص بينهم لا في النفس ولا في الجرح وأنهم كالبهائم ، وهو قول الحسن وابن شبرمة وجماعة .
والثالث : أن القصاص بينهم في النفس دون ما دونها ، وبه قا أبو حنيفة والثوري ، وروي ذلك عن ابن مسعود .
وعمدة الفريق الاول : قوله تعالى :
﴿ والعبد بالعبد ﴾
وعمدة الحنفية : ما روي عن عمران بن الحصين : أن عبدا لقوم فقراء
قطع أذن عبد لقوم أغنياء ، فأتوا رسول الله ( ص ) فلم يقتص منه فهذا هو حكم
النفس .
القول في الجرح
وأما الجرح فيشترط فيه أن يكون على وجه العمد أعني الجرح الذي يجب
فيه القصاص ، والجرح لا يخلو أن يكون يتلف جارحة من جوارح المجروح أو لا
يتلف ، فإن كان مما يتلف جارحة فالعمد فيه هو أن يقصد ضرب على وجه الغضب
بما جرح غالبا .
وأما إن جرحه على وجه اللعب ، أو اللعب بما يجرح به غالبا أو على
وجه الادب ، فيشبه أن يكون فيه الخلاف الذي يقع في القتل الذي يتولد عن
الضرب في اللعب والادب بما لا يقتل غالبا ، فإن أبا حنيفة يعتبر الآلة حتى
يقول إن القاتل بالمثقل لا يقتل وهو شذوذ منه ، أعني بالخلاف هل فيه القصاص
أو الدية إن كان الجرح مما فيه الدية .
وأما إن كان الجرح قد أتلف جارحة من جوارح المجروح ، فمن شرط القصاص
فيه العمد أيضا بلا خلاف ، وفي تمييز العمد منه من غير العمد خلاف .
أما إذا ضربه على العضو نفسه فقطعه وضربه بآلة تقطع العضو غالبا ، أو ضربة على وجه النائرة فلا خلاف أن فيه القصاص .
وأما إن ضربه بلطمة أو سوط أو ما أشبه ذلك مما الظاهر منه أنه لم
يقصد إتلاف العضو مثل أن يلطمه فيفقأ عينه ، فالذي عليه الجمهور أنه شبه
العمد ولا قصاص فيه ، وفيه الدية مغلظة في ماله ، وهي رواية العراقيين عن
مالك ، والمشهور في المذهب أن ذلك عمد وفيه القصاص ، إلا في الادب مع ابنه ،
وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد إلى أن شبه العمد إنما هو في النفس لا في
الجرح .
وأما إن جرحه فأتلفعضوا على وجه اللعب ففيه قولان : أحدهما : وجوب القصاص ، والثاني : نفيه .
وما يجب على هذين القولين ففيه القولان قيل : الدية مغلظة ، وقيل دية الخطأ ، أعني فيما في
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 332