اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 32
الرضاع وقوله يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة إنما ورد على
جهة التأصيل لحكم الرضاع ، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة قال :
ذلك الحديث إن عمل بمقتضاه أوجب أن يكون ناسخا لهذه الاصول ، لان الزيادة
المغيرة للحكم ناسخة ، من ان عائشة لم يكن مذهبها التحريم بلبن الفحل ، وهي
الرواية للحديث ، ويصعب رد الأصول المنتشرة التي يقصد بها التأصيل والبيان
عند وقت الحاجة بالاحاديث النادرة وبخاصة التي تكون في عين ، ولذلك قال
عمر رضي الله عنه في حديث فاطمة بنت قيس : لا نترك كتاب الله لحديث امرأة .
المسألة الثامنة : وأما الشهادة على الرضاع فإن قوما قالوا : لا
تقبل فيه إلا شهادة امرأتين ، وقوما قالوا : لا تقبل فيه إلا شهادة أربع ،
وبه قال الشافعي وعطاء ، وقوم قالوا : تقبل فيه شهادة امرأة واحدة .
والذين قالوا تقبل فيه شهادة امرأتين منهم من اشترط في ذلك فشو
قولهما بذلك قبل الشهادة ، وهو مذهب مالك وابن القاسم ، ومنهم من لم يشترطه
، وهو قول مطرف وابن الماجشون .
والذين أجازوا أيضا شهادة امرأة واحدة منهم من لم يشترط فشو قولها
قبل الشهادة ، وهو مذهب أبي حنيفة ، ومنهم من اشترط ذلك ، وهى رواية عن
مالك ، وقد روي عنه أنه لا تجوز فيه شهادة أقل من اثنتين .
والسبب في اختلافهم : أما بين الاربع والاثنتين فاختلافهم في شهادة
النساء هل عديل كل رجل هو امرأتان فيما ليس يمكن فيه شهادة الرجل أو يكفي
في ذلك امرأتان ، وستأتي هذه المسألة في كتاب الشهادات إن شاء الله تعالى .
وأما اختلافهم في قبول شهادة المرأة الواحدة فمخالفة الاثر الوارد
في ذلك للاصل المجمع عليه ، أعني أنه لا يقبل من الرجال أقل مناثنين ، وأن
حال النساء في ذلك إما أن يكون أضعف من حال الرجال ، وإما أن تكون أحوالهم
في ذلك مساوية للرجال ، والاجماع منعقد على أنه لا يقضى بشهادة واحدة .
والامر الوارد في ذلك هو حديث عقبة بن الحارث قال يا رسول اللهإني
تزوجت امرأة فأتت امرأة فقالت : قد أرضعتكما ، فقال رسول الله ( ص ) : كيف
وقد قيل ؟ دعها عنك وحمل بعضهم هذا الحديث على الندب جمعا بينه وبين الاصول
، وهو أشبه ، وهي رواية عن مالك .
المسألة التاسعة : وأما صفة المرضعة فإنهم اتفقوا على أنه يحرم لبن
كل امرأة بالغ وغير بالغ ، واليائسة من المحيض كان لها زوج أو لم يكن ،
حاملا كانت أو غير حامل ، وشذ بعضهم فأوجب حرمة للبن الرجل ، وهذا غير
موجود فضلا عن أن يكون له حكم شرعي ، وإن وجد فليس لبنا إلا باشتراك الاسم
واختلفوا من هذا الباب في لبن الميتة .
وسبب الخلاف : هل يتناولها العموم أو لا يتناولها ؟ ولا لبن للميتة
إن وجد لها إلا باشتراك الاسم ، ويكاد أن تكون مسألة غير واقعة فلا يكون
لها وجود إلا في القول .
الفصل الرابع : في مانع الزنا واختلفوا في زواج الزانية ، فأجاز هذا الجمهور ، ومنعها قوم .
وسبب اختلافهم :
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 32