اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 306
مثل بيع الطعام قبل قبضه ، وفسخ الدين في الدين ، وضع وتعجل ، ومنع ذلك الشافعي وأحمد ، وعن أبي حنيفة القولان جميعا .
وعمدة من أجازه أنه ليس بين السيد وعبده ربا ، لانه وماله له ، وإنما الكتابة سنة على حدتها .
وأما الاجل فإنهم اتفقوا على أنه يجوز أن تكون مؤجلة ، واختلفوا في
هل تجوز حالة ، وذلك أيضا بعد اتفاقهم على أنها تجوز حالة على مال موجود
عند العبد : وهي التي يسمونها قطاعه لا كتابة .
وأما الكتابة فهي التي يشتري العبد فيها ماله ونفسه من سيده بمال يكتسبه .
فموضع الخلاف : إنما هو هل يجوز أن يشتري نفسه من سيده بمال حال ليس
هو بيده ؟ فقال الشافعي : هذا الكلام لغو ، وليس يلزم السيد شئ منه ، وقال
متأخر وأصحاب مالك : قد لزمت الكتابة للسيد ويرفعه العبد إلى الحاكم فينجم
عليه المال بحسب حال العبد .
وعمدة المالكية أن السيد قد أوجب لعبده الكتابة ، إلا أنه اشترط فيها شرطا يتعذر غالبا ، فصح العقد وبطل الشرط .
وعمدة الشافعية أن الشرط الفاسد يعود ببطلان أصل العقد كمن باع
جاريته واشترط أن لا يطأها ، وذلك أنه إذا لم يكن له مال حاضر أدى إلى عجزه
، وذلك ضد مقصود الكتابة .
وحاصل قول المالكية يرجع إلى أن الكتابة من أركانها أن تكون منجمة ، وأنه إذا اشترط فيها ضد هذا الركن بطل الشرط وصح العقد .
واتفقوا على أنه إذا قال السيد لعبده : لقد كاتبتك على ألف درهم فإذا أديتها فأنت حر أنه إذا أداها فهو حر .
واختلفوا إذا قال له : قد كاتبتك على ألف درهم وسكت هل يكون حرا دون
أن يقول له : فإذا أديتها فأنت حر ؟ فقال مالك وأبو حنيفة : هو حر .
لان اسم الكتابة لفظ شرعي ، فهو يتضمن جميع أحكامه .
وقال قوم : لا يكون حراحتى يصر بلفظ الاداء ، واختلف في ذلك قول الشافعي .
ومن هذا الباب اختلاف قول ابن القاسم ومالك فيمن قال لعبده : أنت حر وعليك ألف دينار .
فاختلف المذهب في ذلك ، فقال مالك يلزمه وهو حر ، وقال ابن القاسم : هو حر ولا يلزمه .
وأما إن قال : أنت حر على أن عليك ألف دينار ، فاختلف المذهب في ذلك
، فقال مالك : هو حر والمال عليه كغريم من الغرماء ، وقيل : العبد بالخيار
، فإن اختار الحرية لزمه المال ونفذت الحرية وإلا بقي عبدا ، وقيل : إن
قبل كانت كتابة : يعتق إذا أدى ، والقولان لابن القاسم .
وتجوز الكتابة عند مالك على عمل محدود ، وتجوز عنده الكتابة المطلقة
، ويرد إلى أن الكتابة مثله كالحال في النكاح ، وتجوز الكتابة عنده على
قيمة العبد ، أعني كتابة مثله في الزمان والثمن ، ومن هنا قيل : إنه تجوز
عنده الكتابة الحالة .
واختلف هل من شرط هذا العقد أن يضع السيد من آخر أنجم الكتابة شيئا عن المكاتب لاختلافهم في مفهوم قوله تعالى :
﴿ وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ﴾
وذلك أن
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 306