اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 289
توريثهم عندهم أنهم يورثون كل واحد من صاحبه في أصل ماله دون ما
ورث بعضهم من بعض ، أعني أنه لا يضم إلى مال المورث ما ورث من غيره ،
فيتوارثون الكل على أنه مال واحد كالحال في الذين يعلم تقدم موت بعضهم على
بعض ، مثال ذلك زوج وزوجته توفيا في حرب أو غرق أو هدم ولكل واحد منهما ألف
درهم ، فيورث الزوج من المرأة خمسمائة درهم ، وتورث المرأة من الالف التي
كانت بيد الزوج دون الخمسمائة التي ورث منها ربعها وذلك مائتان وخمسون .
ومن مسائل هذا لباب اختلاف العلماء في ميراث ولد الملاعنة وولد
الزنا ، فذهب أهل المدينة وزيد بن ثابت إلى أن ولد الملاعنة يورث كما يورث
غير ولد الملاعنة ، وأنه ليس لامه إلا الثلث والباقي لبيت المال ، إلا أن
يكون له إخوة لام ، فيكون لهم الثلث أو تكون أمه مولاة فيكون باقي المال
لمواليها ، وإلا فالباقي لبيت مال المسلمين ، وبه قال مالك والشافعي وأبو
حنيفة وأصحابه ، إلا أن أبا حنيفة - على مذهبه - يجعل ذوي الارحام أولى من
جماعة المسلمين .
وأيضا على قياس من يقول بالرد يرد على الام بقية المال ، وذهب علي وعمر وابن مسعود إلى أن عصبته عصبة أمه أعني الذين يرثونها .
وروي عن علي وابن مسعود أنهم كانوا لا يجعلون عصبته عصبة أمه إلا مع
فقد الام وكانوا ينزلون الام بمنزلة الاب ، وبه قال الحسن وابن سيرين
والثوري وابن حنبل وجماعة .
وعمدة الفريق الاول عموم قوله تعالى :
﴿ فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلامه الثلث ﴾
فقالوا : هذه أم وكل أم لها الثلث ، فهذه لها الثلث .
وعمدة الفريق الثاني ما روي من حديث ابن عمر عن النبي ( ص ) أنه
ألحق ولد الملاعنة بأمه وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : جعل النبي
( ص ) ميراث ابن الملاعنة لامه ولورثته وحديث واثلة بن الاسقع عن النبي ( ص
) قال : المرأة تحوز ثلاثة أموال : عتيقها ، ولقيطها وولدها الذي لاعنت
عليه وحديث مكحول عن النبي ( ص ) بمثل ذلك ، خرج جميع ذلك أبو داود وغيره .
قال القاضي : هذه الآثار المصير إليها واجب لانها قد خصصت عموم الكتاب .
والجمهور على أنالسنة يخصص بها الكتاب ، ولعل الفريق الاول لم
تبلغهم هذه الاحاديث أو لم تصح عندهم ، وهذا القول مروي عن ابن عباس وعثمان
، وهو مشهور في الصدر الاول ، واشتهاره في الصحابة دليل على صحة هذه
الآثار ، فإن هذا ليس يستنبط بالقياس .
والله أعلم .
ومن مسائل ثبوت النسب الموجب للميراث اختلافهم فيمن ترك ابنين وأقر أحدهم بأخ ثالث وأنكر الثاني
، فقال مالك وأبو حنيفة : يجب عليه أن يعطيه حقه من الميراث يعنون
المقر ، ولا يثبت بقوله نسبه ، وقال الشافعي : لا يثبت النسب ولا يجب على
المقر أن يعطيه من الميراث شيئا .
واختلف مالك وأبو حنيفة في القدر الذي يجب على الاخ المقر ، فقال مالك يجب عليه ما كان يجب عليه لو أقر الا الثاني وثبت النسب .
وقال أبو حنيفة : يجب عليه أن يعطيه نصف ما بيده ، وكذلك الحكم عند مالك وأبي حنيفة فيمن ترك ابنا واحد
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 289