اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 227
رسول الله ( ص ) الخيار ثلاثا ولم يحجر عليه وربما قالوا : الصغر
هو المؤثر في منع التصر ف بالمال ، بدليل تأثيره في إسقاط التكليف ، وإنما
اعتبر الصغر لانه الذي يوجد فيه السفه غالبا كما يوجد فيه نقص العقل غالبا
ولذلك جعل البلوغ علامة وجوب التكليف وعلامة الرشد ، إذا كانا يوجدان فيه
غالبا ، أعني العقل والرشد ، وكما لم يعتبر النادر في التكليف ، أعني أن
يكون قبل البلوغ عاقلا فيكلف ، كذلك لم يعتبر النادر في السفه ، وهو أن
يكون بعد البلوغ سفيها فيحجر عليه ، كما لم يعتبر كونه قبل البلوغ رشيدا .
قالوا : وقوله تعالى :
﴿ ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ﴾
الآية ، ليس فيها أكثر من منعهم من أموالهم ، وذلك لا يوجب فسخ بيوعها وإبطالها .
والمحجورون عن مالك ستة : الصغير ، والسفيه ، والعبد ، والمفلس ، والمريض ، والزوجة .
وسيأتي ذكر كل واحد منهم في بابه .
الباب الثاني : متى يخرجون من الحجر ، ومتى يحجر عليهم وبأي شروط
يخرجون ؟ والنظر في هذا الباب في موضعين : في وقت خروج الصغار من الحجر ،
ووقت خروج السفهاء .
فنقول : إن الصغار بالجملة صنفان : ذكور ، وإناث ، وكل واحد من
هؤلاء إما ذو أب ، وإما ذو وصي ، وإما مهمل ، وهم الذين يبلغون ولا وصي لهم
ولا أب .
فأما الذكور الصغار ذوو الآباء فاتفقوا على أنهم لا يخرجون من الحجر
إلا ببلوغ سن التكليف وإيناس الرشد منهم ، وإن كانوا قد اختلفوا في الرشد
ما هو ، وذلك لقوله تعالى :
﴿ وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ﴾
واختلفوا في الاناث ، فذهب الجمهورإلى أن حكمهن في ذلك حكم الذكور
أعني بلوغ المحيض وإيناس الرشد ، وقال مالك : هي في ولاية أبيها في المشهور
عنه حتى تتزوج ويدخل بها زوجها ويؤنس رشدها .
وروي عنه مثل قول الجمهور ، ولاصحاب مالك في هذا أقوال غير هذه قيل
إنها في ولاية أبيها حتى يمر بها سنة بعد دخول زوجها بها ، وقيل حتى يمر
بها عامان ، وقيل حتى تمر بها سبعة أعوام .
وحجة مالك أن إيناس الرشد لا يتصور من المرأة إلا بعد اختبار الرجال .
وأما أقاويل أصحابه فضعيفة مخالفة للنص والقياس ، أما مخالفتها للنص
، فإنهم لم يشترطوا الرشد ، وأما مخالفتها للقياس ، فلان الرشد ممكن تصوره
منها قبل هذه المدة المحدودة ، وإذا قلنا على قول مالك لا على قول الجمهور
إن الاعتبار في الذكور ذوي الآباء البلوغ وإيناس الرشد ، فاختلف قول مالك
إذا بلغ ولم يعلم سفهه من رشده وكان مجهول الحال ، فقيل عنه إنه محمول على
السفه حتى يتبي
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 227