اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 201
المشترط في جواز عقدها فإنهم اتفقوا على أنها تجوز قبل بدو الصلاح .
واختلفوا في جواز ذلك بعد بدو الصلاح ، فذهب الجمهور من القائلين بالمساقاة على أنه لا يجوز بعد بدو الصلاح .
وقال سحنون من أصحاب مالك : لا بأس بذلك .
واختلف قول الشافعي في ذلك ، فمرة قال : لا يجوز ، ومرة قال : يجوز ، وقد قيل عنه إنها لا تجوز إذا خلق الثمر .
وعمدة الجمهور أن مساقاة ما بدا صلاحه من الثمر ليس فيه عمل ولا ضرورة داعية إلى المساقاة إذ كان يجوز بيعه في ذلك الوقت .
قالوا : وإنما هي إجارة إن وقعت .
وحجة من أجازها أنه إذا جازت قبل أن يخلق الثمر فهي بعد بدو الصلاح
أجوز ، ومن هنا لم تجز عندهم مساقاة البقول لانه يجوز بيعها ، أعني عند
الجمهور .
وأما الوقت الذي هو شرط في مدة المساقاة ، فإن الجمهور على أنه لا
يجوز أن يكون مجهولا - أعني مدة غير مؤقتة - وأجاز طائفة أن يكون إلى مدة
غير مؤقتة منهم أهل الظاهر .
وعمدة الجمهور ما يدخل في ذلك من الغرر قياسا على الاجارة ، وعمدة
أهل الظاهر ما وقع في مرسل مالك من قوله ( ص ) أقركم على ما أقركم الله
وكره مالك المساقاة فيما طال من السنين ، وانقضاء السنين فيها هو بالجذ لا
بالاهلة .
وأما هل اللفظ شرط في هذا العقد ؟ فاختلفوا في ذلك ، فذهب ابن
القاسم إلى أن من شرط صحتها أن لا تنعقد إلا بلفظ المساقاة ، وأنه ليس
تنعقد بلفظ الاجارة ، وبه قال الشافعي ، وقال غيرهم : تنعقد بلفظ الاجارة ،
وهو قياس قول سحنون .
القول في أحكام الصحة والمساقاة
عند مالك من العقود اللازمة باللفظ لا بالعمل بخلاف القراض عنده
الذي ينعقد بالعمل لا باللفظ ، وهو عند مالك عقد موروث ، ولورثة المساقي أن
يأتوا بأمين يعمل إن لم يكونوا أمناء ، وعليه العمل إن أبى الورثة من
تركته ، وقال الشافعي إذا لم يكن له تركة سلم إلى الورثة رب المال أجرة ما
عمل وفسد العقد ، وإن كانت له تركة لزمته المساقاة .
وقال الشافعي : تنفسخ المساقاة بالعجز ، ولم يفصل .
وقال مالك : إذا عجز وقد حل بيع الثمر لم يكن له أن يساقي غيره ووجب
عليه أن يستأجر من يعمل ، وإن يكن له شئ استؤجر من حظه من الثمر ، وإذا
كان العامل لصا أو ظالمالم ينفسخ العقد بذلك عند مالك .
وحكي عن الشافعي أنه قال : يلزمه أن يقيم غيره للعمل ، وقال الشافعي
: إذا هرب العامل قبل تمام العمل استأجر القاضي عليه من يعمل عمله .
ويجوز عند مالك أن يشترط كل واحد منهما على صاحبه الزكاة بخلاف القراض ونصابهما عنده نصاب الرجل الواحد بخلاف قوله في الشركاء .
وإذا اختلف رب المال والعامل في مقدار ما وقعت عليه المساقاة من
الثمر ، فقال مالك : القول قول العامل مع يمينه إذا أتى بما يشبه ، وقال
الشافعي : يتحالفان ويتفاسخان ، وتكون للعامل الاجرة شبههه بالبيع وأوجب
مالك اليمين في حق العامل لانه مؤتمن ، ومن
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 201