اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 19
بالدخول أو الموت .
أما وجوبه كله بالدخول فلقوله تعالى :
﴿ وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا ﴾
الآية .
وأما وجوبه بالموت فلا أعلم الآن فيه دليلا مسموعا إلا انعقاد الاجماع على ذلك .
واختلفوا هل من شرط وجوبه مع الدخول المسيس أم ليس ذلك من شرطه .
بل يجب بالدخول والخلوة ، وهو الذي يعنون بإرخاء الستور ؟ فقال مالك
والشافعي وداود : لا يجب بإرخاء الستور إلا نصف المهر ما لم يكن المسيس ،
وقال أبو حنيفة : يجب المهر بالخلوة نفسها إلا أن يكون محرما أو مريضا أو
صائما في رمضان أو كانت المرأة حائضا ، وقال ابن أبليلى : يجب المهر كله
بالدخول ولم يشترط في ذلك شيئا .
وسبب اختلافهم في ذلك معارضة حكم الصحابة في ذلك لظاهر الكتاب ،
وذلك أنه نص تبارك وتعالى في المدخول بها المنكوحة أنه ليس يجوز أن يؤخذ من
صداقها شئ في قوله تعالى :
﴿ وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض ﴾
، ونص في المطلقة قبل المسيس أن لها نصف الصداق ، فقال تعالى :
﴿ وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ﴾
وهذا نص كما ترى في حكم كل واحدة من هاتين الحالتين : أعني قبل
المسيس وبعد المسيس ولا وسط بينهما ، فوجب بهذا إيجابا ظاهرا أن الصداق لا
يجب إلا بالمسيس ، والمسيس ههنا الظاهر من أمره أنه الجماع ، وقد يحتمل أن
يحمل على أصله في اللغة وهو المس ، ولعل هذا هو الذي تأولت الصحابة ، ولذلك
قال مالك في العنين المؤجل : إنه قد وجب لها الصداق عليه إذا وقع الطلاق
لطول مقامه معها ، فجعل له دون الجماع تأثيرا في إيجاب الصداق .
وأما الاحكام الواردة في ذلك عن الصحابة فهو أن من أغلق بابا أو أرخى سترا فقد وجب عليه الصداق ، لم يختلف عليهم في ذلك فيما حكموا .
واختلفوا من هذا البابففرع ، وهو إذا اختلفا في المسيس أعني
القائلين باشتراط المسيس ، وذلك مثل أن تدعي هي المسيس وينكر هو ، فالمشهور
عن مالك أن القول قولها ، وقيل : إن كان دخول بناء صدقت ، وإن كان دخول
زيارة لم تصدق ، وقيل إن كانت بكرا نظر إليها النساء ، فيتحصل فيها في
المذهب ثلاثة أقوال .
وقال الشافعي وأهل الظاهر : القول قوله ، وذلك لانه مدعى عليه ،
ومالك ليس يعتبر في وجوب اليمين على المدعى عليه من جهة ما هو مدعى عليه ،
بل من جهة ما هو أقوى شبهة في الاكثر ، ولذلك يجعل القول في مواضع كثيرة
قول المدعي إذ كان أقوى شبهة .
وهذا الخلاف يرجع إلى : هل إيجاب اليمين على المدعى عليه : معلل أو
غير معلل ؟ وكذلك القول في وجوب البينة على المدعي ، وسيأتي هذا في مكانه
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 19