اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 188
منفعة القابض ، أصله القرض والعارية عند الشافعي ، وكذلك أيضا من
لم ينصب نفسه لم يكن في تضمينه سد ذريعة ، والاجير عند مالك كما قلنا لا
يضمن إلا أنه استحسن تضمين حامل القوت وما يجري مجراه ، وكذلك الطحان وما
عدا غيرهم فلا يضمن إلا بالتعدي ، وصاحب الحمام لا يضمن عنده ، هذا هو
المشهور عنه ، وقد قيل يضمن .
وشذ أشهب فضمن الصناع ما قامت البينة على هلاكه عندهم من غير تعد
منهم ولا تفريط وهو شذوذ ، ولا خلاف أن الصناع لا يضمنون ما لم يقبضوا في
منازلهم .
واختلف أصحاب مالك إذا قامت البينة على هلاك المصنوع وسقط الضمان
عنهم هل تجب لهم الاجرة أم لا ، إذا كان هلاكه بعد إتمام الصنعة أو بعد
تمام بعضها ؟ فقال ابن القاسم : لا أجرة لهم ، وقال ابن المواز : لهم
الاجرة ، ووجه ما قال ابن المواز أن المصيبة إذا نزلت بالمستأجر فوجب أن لا
يمضي عمل الصانع باطلا ، ووجه ما قال ابن القاسم أن الاجرة إنما استوجبت
في مقابلة العمل ، فأشبه ذلك إذا هلك بتفريط من الاجير ، وقول ابن المواز
أقيس ، وقول ابن القاسم أكثر نظرا إلى المصلحة لانه رأى أن يشتركوا في
المصيبة .
ومن هذا الباب اختلافهم في ضمان صاحب السفينة ، فقال مالك : لا ضمان
عليه ، وقال أبو حنيفة : عليه الضمان إلا من الموج ، وأصل مذهب مالك أن
الصناع يضمنون كل ما أتى على أيديهم من حرق أو كسر في المصنوع أو قطع إذا
عمله في حانوته ، وإن كان صاحبه قاعدا معه ، إلا فيما كان فيه تغرير من
الاعمال ، مثل ثقب الجوهر ونقش الفصوص وتقويم السيوف واحتراق الخبز عند
الفران ، والطبيب يموت العليل من معالجته وكذلك البيطار إلا أن يعلم أنه
تعدى فيضمن حينئذ .
وأما الطبيب وما أشبهه إذا أخطأ في فعله ، وكان من أهل المعرفة فلا
شئ عليه في النفس ، والدية على العاقلة فيما فوق الثلث وفي ماله فيما دون
الثلث ، وإن لم يكن من أهل المعرفة فعليه الضرب والسجن والدية قيل في ماله ،
وقيل على العاقلة .
الفصل الثالث : في معرفة حكم الاختلاف
وهو النظر في الاختلاف ، وفي هذا الباب أيضا مسائل : فمنها أنهم
اختلفوا إذا اختلف الصانع ورب المصنوع في صفة الصنعة فقال أبو حنيفة :
القول قول رب المصنوع ، وقال مالك وابن ابي ليلى : القول قول الصانع .
وسبب الخلاف : من المدعي منهما على صاحبه ، ومن المدعى عليه ؟ ومنها
إذا ادعى الصناع رد ما استصنعوا فيه ، وأنكرذلك الدافع ، فالقول عند مالك
قول الدافع ، وعلى الصناع البينة لانهم كانوا ضامنين لما في أيديهم ، وقال
ابن الماجشون : القول قول الصناع إن كان ما دفع إليهم دفع بغير بينة ، وإن
كان دفع إليهم ببينة فلا يبرؤون إلا ببينة .
وإذا اختلف الصانع ورب المتاع في دفع الاجرة ، فالمشهور في المذهب
أن القول قول الصانع مع يمينه إن قام بحدثان ذلك ، وإن تطاول فالقول قول رب
المصنوع ، وكذلك إذا اختلف المكري والمكتري ، وقيل بل القول قول
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 188