اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 167
فدفعها إليه عند الاجل وبعده أنه يلزمه أخذها .
واختلفوا في العروض المؤجلة من السلم وغيره ، فقال مالك والجمهور : إن أتى بها قبل محل الاجل لم يلزم أخذها .
وقال الشافعي : إن كان مما لا يتغير ولا يقصد به النظارة لزمه أخذه
كالنحاس والحديد ، وإن كان مما يقصد به النظارة كالفواكه لم يلزمه .
وأما إذا أتى به بعد محل الاجل فاختلف في ذلك أصحاب مال ك فروي عنه
أنه يلزمه قبضه مثل أن يسلم في قطائف الشتاء فيأتي بها في الصيف ، فقال
ابن وهب وجماعة : لا يلزمه ذلك وحجة الجمهور في أنه لا يلزمه قبض العروض
قبل محل الاجل من قبل أنه من ضمانه إلى الوقت المضروب الذي قصده ، ولما
عليه من المؤنة في ذلك ، وليس كذلك الدنانير والدراهم ، إذ لا مؤنة فيها ،
ومن لم يلزمه بعد الاجل فحجته أنه رأى أن المقصود من العروض إنما كان وقت
الاجل لا غيره .
وأما من أجاز ذلك في الوجهين ، أعني بعد الاجل أو قبله فشبهه بالدنانير والدراهم .
مسألة : اختلف العلماء
فيمن أسلم إلى آخر أو باع منه طعاما على مكيلة ما فأخبر البائع أو
المسلم إليه المشترى بكيل الطعام ، هل للمشتري أن يقبضه منه دون أن يكيله
وأن يعمل في ذلك على تصديقه ؟ فقال مالك : ذلك جائز في السلم وفي البيع
بشرط النقد .
وإلا خيف أن يكون من باب الربا ، كأنه إنما صدقه في الكيل لمكان أنه أنظره بالثمن .
وقال أبو حنيفة والشافعي والثوري والاوزاعي والليث : لا يجوز ذلك
حتى يكيله البائع للمشتري مرة ثانية بعد أن كاله لنفسه بحضرة البائع .
وحجتهم أنه لما كان ليس للمشتري أن يبيعه إلا بعد أن يكيله ، لم يكن
له أن يقبضه إلا بعد أن يكيله البائع له ، لانه لما كان من شرط البيع
الكيل فكذلك القبض واحتجوا بما جاء في الحديث أنه عليه الصلاة والسلامنهى
عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان : صاع البائع ، وصاع المشتري .
واختلفوا إذا هلك الطعام في يد المشتري ، قبل الكيل ، فاختلفا في
الكيل ، فقال الشافعي : القول قول المشتري ، وبه قال أبو ثور ، وقال مالك :
القول قول البائع لانه قد صدقه المشتري عند قبضه إياه ، وهذا مبني عنده
على أن البيع يجوز بنفس تصديقه .
الباب الثالث : في اختلاف المتبايعين في السلم
والمتبايعين في السلم إما أن يختلفا في قدر الثمن أو المثمون .
وإما في جنسهما ، وأما في الاجل ، وإما في مكان قبض السلم ، فأما
اختلافهم في قدر المسلم فيه ، فالقول فيه قول المسلم إليه إأتى بما يشبه ،
وإلا فالقول أيضا قول المسلم إن أتى أيضا بما يشبه ، فإن أتيا بمالا يشبه
فالقياس أن يتحالفا ويتفاسخا .
وأما اختلافهم في جنس المسلم فيه ، فالحكم في ذلك التحالف والتفاسخ ، مثل أن يقول أحدهما : أسلمت في تمر ، ويقول الآخر : في قمح .
وأما اختلافهم في الاجل فإن كان في حلوله فالقول قول المسلم إليه ،
وإن كان في قدره فالقول أيضا قول المسلم إليه إلا أن يأتي بما لا يشبه ،
مثل أن يدع
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 167