اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 133
الباب الخامس : في البيوع المنهي عنها من أجل الضرر أو الغبن
المسموع من هذا الباب ما ثبت من نهيه ( ص ) عن أن يبيع الرجل على
بيع أخيه ، وعن أن يسوم أحد على سوم أخيه ، ونهيه عن تلقي الركبان ، ونهيه
عن أن يبيع حاضر لباد ، ونهيه عن النجش .
وقد اختلف العلماء في تفصيل معاني هذه الآثار اختلافا ليس بمتباعد ،
فقال مالك : معنى قوله عليه الصلاة والسلام لا يبع بعضكم على بيع بعض
ومعنى نهيه عن أن يسوم أحد على سوم أخيه واحد ، وهي في الحالة التي إذا ركن
البائع فيها إلى السائم ولم يبق بينهما إلا شئ يسير مثل اختيار الذهب أو
اشتراط العيوب أو البراءة منها ، وبمثل تفسير مالك فسر أبو حنيفة هذا
الحديث .
وقال الثوري معنى لا يبع بعضكم على بيع بعض أن لا يطرأ رجل آخر على المتبايعين فيقول : عندي خير من هذه السلعة .
ولم يحد وقت ركون ولا غيره .
وقال الشافعي : معنى ذلك إذا تم البيع باللسان ولم يفترقا فأتى أحد
يعرض عليه سلعة له هي خير منها ، وهذا بناء على مذهبه في أن البيع إنما
يلزم بالافتراق ، فهو ومالك متفقان على أن النهي إنما يتناول حالة قرب لزوم
البيع على ما سنذكره بعد ، وفقهاء الامصار على أن هذا البيع يكره ، وإن
وقع مضى لانه سوم على بيع لم يتم ، وقال داود وأصحابه : إن وقع فسخ في أي
حالة وقع تمسكا بالعمو ، وروي عن مالك وعن بعض أصحابه فسخه ما لم يفت ،
وأنكر ابن الماجشون ذلك في البيع فقال : وإنما قال بذلك مالك في النكاح وقد
تقدم ذلك .
واختلفوا في دخول الذمي في النهي عن سوم غيره ، فقال الجمهور : لا
فرق في ذلك بين الذمي وغيره وقال الاوزاعي : لا بأس بالسوم على سوم الذمي
لانه ليس بأخي المسلم ، وقد قال ( ص ) لا يسم أحد على سوم أخيه ومن هنا منع
قوم بيع المزايدة وإن كان الجمهور على جوازه .
وسبب الخلاف : بينهم هل يحمل هذا النهي على الكراهة أو على الحظر ،
ثم إذا حمل على الحظر فهل يحمل على جميع الاحوال ، أو في حالة دون حالة ؟ .
فصل : وأما نهيه عن تلقي الركبان للبيع
، فاختلفوا في مفهوم النهي ما هو ، فرأى مالك أن المقصود بذلك أهل
الاسواق لئلا ينفرد المتلقي برخص السلعة ، دون أهل الاسواق ، ورأى أنه لا
يجوز أن يشتري أحد سلعة حتى تدخل السوق ، هذا إذا كان التلقي قريبا ، فإن
كان بعيدا فلا بأس به ، وحد القرب في المذهب بنحو من ستة أميال ، ورأى أنه
إن وقع جاز ، ولكن يشرك المشتري أهل الاسواق في تلك السلعة التي من شأنها
أن يكون ذلك سوقها .
وأما الشافعي فقال : إن المقصود بالنهي إنما هو لاجل البائع لئلا
يغبنه المتلقي ، لان البائع يجهل سعر البلد ، وكان يقول : إذا وقع فرب
السلعة بالخيار إن شا
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 133