اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 128
التي يختلف فيها أكثر ذلك من قبل الجهل بالكيفية .
وأما اعتبار الكمية فإنهم اتفقوا على أنه لا يجوز أن يباع شئ من
المكيل أو الموزون أو المعدود أو الممسوح إلا أن يكون معلوم القدر عند
البائع والمشتري ، واتفقوا على أن العلم الذي يكون بهذه الاشياء من قبل
الكيل المعلوم أو الصنوج المعلومة مؤثر في صحة البيع ، وفي كل ما كان غير
معلوم الكيل والوزن عند البائع والمشتري من جميع الاشياء المكيلة والموزونة
والمعدودة والممسوحة ، وأن العلم بمقادير هذه الاشياء التي تكون من قبل
الحزر والتخمين وهو الذي يسمونه الجزاف يجوز في أشياء ويمنع في أشياء .
وأصل مذهب مالك في ذلك أنه يجوز في كل ما المقصود منه الكثرة لا
آحاد وهو عنده على أصناف : منها ما أصله الكيل ويجوز جزافا ، وهي المكيلات
والموزونات ، ومنها ما أصله الجزاف ويكون مكيلا ، وهي الممسوحات كالارضين
والثياب ، ومنها ما لا يجوز فيها التقدير أصلا بالكيل والوزن ، بل إنما
يجوز فيها العدد فقط ولا يجوز بيعها جزافا ، وهي كما قلنا التي المقصود
منها آحاد أعيانها .
وعند مالك أن التبر والفضة الغير المسكوكين يجوز بيعهما جزافا ولا
يجوز ذلك في الدراهم والدنانير ، وقال أبو حنيفة والشافعي : يجوز ويكره .
ويجوز عند مالك أن تباع الصبرة المجهولة على الكيل : أي كل كيل منها
بكذا ، فما كان فيها من الاكيال وقع من تلك القيمة بعد كيلها والعلم
بمبلغها ، وقال أبو حنيفة : لا يلزم إلا في كيل واحد وهو الذي سمياه .
ويجوز هذا البيع عند مالك في العبيد والثياب وفي الطعام ، ومنعه أبو
حنيفة في الثياب والعبيد ، ومنع ذلك غيره في الكل فيما أحسب للجهل بمبلغ
الثمن .
ويجوز عند مالك أن يصدق المشتري البائع في كيلها إذا لم يكن البيع
نسيئة ، لانه يتهمه أن يكون صدقه لينظره بالثمن ، وعند غيره لا يجوز ذلك
حتى يكتالها المشتري لنهيه ( ص ) عن بيع الطعام حتى تجرى فيه الصيعان
وأجازه قوم على الاطلاق ، وممن منعه أبو حنيفة والشافعي وأحمد ، وممن أجازه
بإطلاق عطاء بن أبي رباح وابن أبي مليكة ، ولا يجوز عند مالك أن يعلم
البائع الكيل ويبيع المكيل جزافا ممن يجهل الكيل ، ولايجوز عند الشافعي
وأبي حنيفة .
والمزابنة المنهي عنها هي عند مالك من هذا الباب ، وهي بيع مجهول
الكمية بمجهول الكمية ، وذلك أما في الربويات فلموضع التفاضل ، وأما في غير
الربويات فلعدمتحقق القدر .
الباب الرابع : في بيوع الشروط والثنيا
وهذه البيوع الفساد الذي يكون فيها هو راجع إلى الفساد الذي يكون من
قبل الغرر ، ولكن لما تضمنها النص وجب أن تجعل قسما من أقسام البيوع
الفاسدة على حدة .
والاصل في اختلاف الناس في هذا الباب ثلاثة أحاديث : أحدها : حديث
جابر قال : ابتاع مني رسول الله ( ص ) بعيرا وشرط ظهره إلى المدينة وهذا
الحديث في الصحيح .
والحديث الثاني : حديث بريرة أن رسول الله ( ص ) قال كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مائة
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 128