اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 125
لا يجوز ، وقال عبد العزيز بن أبي سلمة : إنه يجوز ، وعلة المنع الجهل والغرر .
وأما إن كانا من صنف واحد فيجوز عند مالك ، ولا يجوز عند أبي حنيفة
والشافعي وأما مالك فإنه أجازه لانه يجيز الخيار بعد عقد البيع في الاصناف
المستوية لقلة الغرر عنده في ذلك .
وأما من لا يجيزه فيعتبره بالغرر الذي لا يجوز .
لانهما افترقا على بيع غير معلوم .
وبالجملة فالفقهاء متفقون على أن الغرر الكثير في المبيعات لا يجوز .
وأن القليل يجوز .
ويختلفون في أشياء من أنواع الغرر .
فبعضهم يلحقها بالغرر الكثير ، وبعضهم يلحقها بالغرر القليل المباح
لترددها بين القليل والكثير ، فإذا قلنا بالجواز على مذهب مالك ، فقبض
الثوبين من المشتري على أن يختار فهلك أحدهما أو أصابه عيب فمن يصيبه ذلك ؟
فقيل تكون المصيبة بينهما .
وقيل بل يضمنه كله المشتري .
إلا أن تقوم البينة على هلاكه .
وقيل فرق في ذلك بين الثياب وما يغاب عليه وبين ما لا يغاب عليه كالعبد فيضمن فيما يغاب عليه ولا يضمن فيما لا يغاب عليه .
وأما هل يلزمه أخذ الباقي ؟ قيل يلزم .
وقيل لا يلزم .
وهذا يذكر في أحكاالبيوع .
وينبغي أن نعلم أن المسائل الداخلة في هذا المعنى هي : أما عند فقها
الامصار فمن باب الغرر ، وأما عند مالك فمنها ما يكون عنده من باب ذرائع
الربا ، ومنها ما يكون من باب الغرر .
فهذه هي المسائل التي تتعلق بالمنطوق به في هذا الباب .
وأما نهيه عن بيع الثنيا وعن بيع وشرط فهو وإن كان سببه الغرر فالاشبه أن نذكرها في المبيعات الفاسدة من قبل الشروط .
فصل : وأما المسائل المسكوت عنها
في هذا الباب المختلف فيها بين فقهاء الامصار فكثيرة ، لكن نذكر منها أشهرها لتكون كالقانون للمجتهد النظار .
مسألة : المبيعات على نوعين
: مبيع حاضر مرئي ، فهذا لا خلاف في بيعه .
ومبيع غائب أو متعذر الرؤية ، فهنا اختلف العلماء ، فقال قوم : بيع الغائب لا يجوز بحال من الاحوال لا ما وصف ولا ما لم يوصف .
وهذا أشهر قولي الشافعي وهو المنصوص عند أصحابه ، أعني أن بيع
الغائب على الصفة لا يجوز ، وقال مالك وأكثر أهل المدينة : يجوز بيع الغائب
على الصفة إذا كانت غيبته مما يؤمن أن تتغير فيه قبل القبض صفته ، وقال
أبو حنيفة : يجوز بيع العين الغائبة من غير صفة ، ثم له إذا رآها الخيار ،
فإن شاء أنفذ البيع وإن شاء رده .
وكذلك المبيع على الصفة من شرطه عندهم خيار الرؤية وإن جاء على
الصفة وعند مالك أنه إذا جاء على الصفة فهو لازم ، وعند الشافعي لا ينعقد
البيع أصلا في الموضعين ، وقد قيل في المذهب : يجوز بيع الغائب من غير صفة
على شرط الخيار خيار الرؤية ، وقع ذلك في المدونة ، وأنكره عبد الوهاب وقال
: هو مخالف لاصولنا .
وسبب الخلاف : هل نقصان العلمالمتعلق بالصفة عن العلم المتعلق بالحس
هو جهل مؤثر في بيع الشئ فيكون من الغرر الكثير ، أم ليس بمؤثر وأنه من
الغرر اليسير المعفو عنه ؟ فالشافعي رآه من الغرر الكثير
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 125