اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 114
جائز .
فسبب الخلاف : هل ما يقابل العرض من الجنس الربوي ينبغي أن يكون
مساويا له في القيمة أو يكفي فذلك رضا البائع ؟ فمن قال الاعتبار بمساواته
في القيمة قال : لا يجوز لمكان الجهل بذلك ، لانه إذا لم يكن العرض مساويا
لفضل أحد الربويين على الثاني كان التفاضل ضرورة ، مثال ذلك أنه إن باع
كيلين من تمر بكيل وثوب فقد يجب أن تكون قيمة الثوب تساوي الكيل ، وإلا وقع
التفاضل ضرورة .
وأما أبو حنيفة فيكتفي في ذلك بأن يرضى به المتبايعان ، ومالك يعتبر
أيضا في هذا سد الذريعة ، لانه إنما جعل جاعل ذلك ذريعة إلى بيع الصنف
الواحد متفاضلا ، فهذه مشهورات مسائلهم في هذا الجنس .
باب : في بيوع الذرائع الربوية
وهنا شئ يعرض للمتبايعين : إذا قال أحدهما للآخر بزيادة أو نقصان ،
وللمتبايعين إذا اشترى أحدهما من صاحبه الشئ الذي باعه بزيادة أو نقصان وهو
أن يتصور بينهما من غير قصد إلى ذلك تبايع ربوي ، مثل أن يبيع إنسان من
إنسان سلعة بعشرة دنانير نقدا ثم يشتريها منه بعشرين إلى أجل ، فإذا أضيفت
البيعة الثانية إلى الاولى استقر الامر على أن أحدهما دفع عشرة دنانير في
عشرين إلى أجل ، وهذا هو الذي يعرف ببيوع الآجال .
فنذكر من ذلك مسألة في الاقالة ، ومسألة من بيوع الآجال إذ كان هذا
الكتاب ليس المقصود به التفريع ، وإنما المقصود فيه تحصيل الاصول .
مسألة : لم يختلفوا أن من باع شيئا ما كأنك قلت : عبدا بمائة دينار
مثلا إلى أجل ، ثم ندم البائع فسأل المبتاع أن يصرف إليه مبيعه ويدفع إليه
عشرة دنانير مثلا نقدا أو إلى أجل أن ذلك يجوز وأنه لا بأس بذلك ، وأن
الاقالة عندهم إذا دخلتها الزيادة والنقصان هي بيع مستأنف ، ولاحرج في أن
يبيع الانسان الشئ بثمن ثم يشتريه بأكثر منه ، لانه في هذه المسألة اشترى
منه البائع الاول العبد الذي باعه بالمائة التي وجبت له وبالعشرة مثاقيل
التي زادها نقدا أو إلى أجل ، وكذلك لا خلاف بينهم لو كان البيع بمائة
دينار إلى أجل والعشرة مثاقيل نقدا أو إلى أجل .
وأما إن ندم المشتري في هذه المسألة وسأالاقالة على أن يعطي البائع
العشرة المثاقيل نقدا أو إلى أجل أبعد من الاجل الذي وجبت فيه المسألة ،
فهنا اختلفوا ، فقال مالك : لا يجوز .
وقال الشافعي : يجوز ووجه ما كره من ذلك مالك أن ذلك ذريعة إلى قصد بيع الذهب بالذهب إلى أجل وإلى بيع ذهب وعرض بذهب .
لان المشتري دفع العشرة مثاقيل والعبد في المائة دينار التي عليه ،
وأيضا يدخله بيع وسلف كأن المشتري باعه العبد بتسعين وأسلفه عشرة إلى الاجل
الذي يجب عليه قبضها من نفسه لنفسه .
وأما الشافعي فهذا عنده كله جائز لانه شراء مستأنف ، ولا فرق عنده
بين هذهالمسألة وبين أن تكون لرجل على رجل مائة دينار مؤجلة ، فيشتري منه
غلاما بالتسعين دينارا التي عليه ويتعجل له عشرة دنانير ، وذلك جائز بإجماع
.
قال : وحمل الناس على التهم
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 114