اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 97
والذي حكاه من أنها شرط لا يتخرج على مشهور المذهب من أن غسل
النجاسة سنة مؤكدة ، وإنما يتخرج على القول بأنها فرض مع كتاب الطهارة ،
وعرف هناك أسباب الخلاف فيها ، وإنما الذي يتعلق به هاهنا الكلام من ذلك هل
ما هو فرض مطلق مما يقع في الصلاة ، يجب أن يكون فرضا في الصلاة أم لا ؟
والحق أن الشئ المأمور به على الاطلاق ، لا يجب أن يكون شرطا في صحة شئ ما (
آخر مأمور به - وإن وقع فيه - إلا بأمر آخر ، وكذلك الامر في الشئ المنهي
عنه على الاطلاق ، لا يجب أن يكون شرطا في صحة شئ ما ) إلا بأمر آخر .
الباب السادس وأما المواضع التي يصلي فيها
: فإن من الناس ، من أجاز الصلاة في كل موضع لا تكون فيه نجاسة
ومنهم من استثنى من ذلك سبعة مواضع : المزبلة ، والمجزرة ، والمقبرة ،
وقارعة الطريق ، والحمام ، ومعاطن الابل ، وفوق ظهر بيت الله ومنهم من
استثنى من ذلك المقبرة فقط ومنهم من استثنى المقبرة والحمام ومنهم من كره
الصلاة في هذه المواضع المنهي عنها ، ولم يبطلها وهو أحد ما روي عن مالك ،
وقد روي عنه الجواز ، وهذه رواية ابن القاسم .
وسبب اختلافهم : تعارض ظواهر الاثار في هذا الباب ، وذلك أن هاهنا
حديثين متفق على صحتهما ، وحديثين مختلف فيهما ، فأما المتفق عليهما فقوله
عليه الصلاة والسلام : أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي ، وذكر فيها : وجعلت
لي الارض مسجدا ، وطهورا ، فأينما أدركتني الصلاة صليت .
وقوله عليه الصلاة والسلام : اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ، ولا
تتخذوها قبورا وأما غير المتفق عليهما : روي : أنه عليه الصلاة والسلام نهى
أن يصلى في سبعة مواطن : في المزبلة ، والمجزرة ، والمقبرة ، وقارعة
الطريق ، وفي الحمام ، وفي معاطن الابل ، وفوق ظهر بيت الله خرجه الترمذي .
والثاني : ما روي أنه قال عليه الصلاة والسلام : صلوا في مرابض الغنم ، ولا تصلوا في أعطان الابل .
فذهب الناس في هذه الاحاديث ثلاثة مذاهب : أحدها : مذهب الترجيح ، والنسخ .
والثاني : مذهب البناء : أعني بناء الخاص على العام ، والثالث : مذهب الجمع .
فأما من ذهب مذهب الترجيح والنسخ ، فأخذ بالحديث المشهور ، وهو قوله
عليه الصلاة والسلام : جعلتلي الارض مسجدا وطهورا وقال : هذا ناسخ لغيره ،
لان هذه هي فضائل له عليه الصلاة والسلام ، وذلك مما لا يجوز نسخه .
وأما من ذهب مذهب بناء الخاص على العام : فقال : حديث الاباحة عام وحديث النهي خاص ، فيجب أن يبنى الخاص على العام ، فمن هؤلاء
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 97