اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 82
وتكون الحمرة نظير الحمرة ، فالطوالع إذن أربعة : الفجر الكاذب
والفجر الصادق ، والاحمر ، والشمس ، وكذلك يجب أن تكون الغوار ب ولذلك ما
ذكر عن الخليل من أنه رصد الشفق الابيض ، فوجده يبقى إلى ثلث الليل كذب
بالقياس والتجربة ، وذلك أنه لا خلاف بينهم أنه قد ثبت في حديث بريدة وحديث
إمامة جبريل أنه صلى العشاء في اليوم الاول حين غاب الشفق ، وقد رجح
الجمهور مذهبهم بما ثبت : أن رسول الله ( ص ) كان يصلي العشاء عند مغيب
القمر في الليلة الثالثة ، ورجح أبو حنيفة مذهبه بما ورد في تأخير العشاء
واستحباب تأخيره الصلاة إلى نصف الليل .
وأما آخر وقتها فاختلفوا فيه على ثلاثة أقوال : قول إنه ثلث الليل ،
وقول إنه نصف الليل ، وقول إنه إلى طلوع الفجر ، وبالاول : أعني ثلث الليل
قال الشافعي ، وأبو حنيفة ، وهو المشهور منمذهب مالك وروي عن مالك القول
الثاني : أعني نصف الليل ، وأما الثالث فقول داود .
وسبب الخلاف في ذلك : تعارض الاثار ، ففي حديث إمامة جبريل : أنه
صلاها بالنبي عليه الصلاة والسلام في اليوم الثاني ثلث الليل وفي حديث أنس
أنه قال : أخر النبي ( ص ) صلاة العشاء إلى نصف الليل خرجه البخاري .
وروي أيضا من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي عليه الصلاة
والسلام أنه قال : لولا أن أشق على أمتي لاخرت العشاء إلى نصف الليل وفي
حديث أبي قتادة : ليس التفريط في النوم إنما التفريط أن تؤخر الصلاة حتى
يدخل وقت الاخرى .
فمن ذهب مذهب الترجيح لحديث إمامة جبريل قال : ثلث الليل ، ومن ذهب مذهب الترجيح لحديث أنس قال : شطر الليل .
وأما أهل الظاهر ، فاعتمدوا حديث أبي قتادة ، وقالوا : هو عام ، وهو
متأخر عن حديث إمامة جبريل ، فهو ناسخ ، ولو لم يكن ناسخا ، لكان تعارض
الاثار يسقط حكمها ، فيجب أن يصار إلى استصحاب حال الاجماع وقد اتفقوا على
أن الوقت يخرج لما بعد طلوع الفجر ، واختلفوا فيما قبل فإنا روينا عن ابن
عباس أن الوقت عنده إلى طلوع الفجر ، فوجب أن يستصحب حكم الوقت ، إلا حيث
وقع الاتفاق على خروجه ، وأحسب أن به ، قال أبو حنيفة المسألة الخامسة :
واتفقوا على أن أول وقت الصبح طلوع الفجر الصادق ، وآخره طلوع الشمس إلا ما
روي عن ابن القاسم ، وعن بعض أصحاب الشافعي من أن آخر وقتها الاسفار .
واختلفوا في وقتها المختار ، فذهب الكوفيون ، وأبو حنيفة وأصحابه و
الثوري وأكثر العراقيين إلى أن الاسفار بها أفضل وذهب مالك والشافعي
وأصحابه وأحمد بن حنبل وأبو ثور وداود إلى أن التغليس بها أفضل .
وسبب اختلافهم : اختلافهم في طريقة جمع الاحاديث المختلفة الظواهر في ذلك .
وذلك أنه ورد عنه عليه الصلاة والسلام من طريق رافع بن
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 1 صفحة : 82