responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 1  صفحة : 67

الطهور ماؤه الحل ميتته .

وأما أبو حنيفة فرجح عموم الآية على هذا الاثر ، إما لان الاية مقطوع بها ، والاثر مظنون ، وإما لانه رأى أن ذلك رخصة لهم - أعني حديث جابر أو لانه احتمل عنده أن يكون الحوت مات بسبب ، وهو رمي البحر به إلى الساحل ، لان الميتة هو ما مات من تلقاء نفسه من غير سبب خارج ولاختلافهم في هذا أيضا سبب آخر ، وهو احتمال عودة الضمير في قوله تعالى :

﴿ وطعامه متاعا لكم وللسيارة

أعني أن يعود على البحر ، أو على الصيد نفسه ، فمن أعاده على البحر ، قال طعامه هو الطافي ، ومن أعاده على الصيد ، قال هو الذي أحل فقط من صيد البحر ، مع أن الكوفيين أيضا تمسكوا في ذلك بأثر ورد فيه تحريم الطافي من السمك ، وهو عندهم ضعيف .

المسألة الثانية : وكما اختلفوا في أنواع الميتات كذلك اختلفوا في أجزاء ما اتفقوا عليه أنه ميتة ، وذلك أنهم اتفقوا على أن اللحم من أجزاء الميتة ميتة .

واختلفوا في العظام والشعر ، فذهب الشافعي إلى أن العظم والشعر ميتة ، وذهب أبو حنيفة إلى أنهما ليسا بميتة ، وذهب مالك للفرق بين الشعر والعظم فقال : إن العظم ميتة وليس الشعر ميتة .

وسبب اختلافهم : هو اختلافهم فيما ينطلق عليه اسم الحياة من أفعال الاعضاء .

فمن رأى أن النمو والتغذي هو من أفعال الحياة قال : إن الشعر والعظام إذا فقدت النمو والتغذي فهي ميتة .

ومن رأى أنه لا ينطلق اسم الحياة إلا على الحس قال : إن الشعر والعظام ليست بميتة ، لانها لا حس لها .

ومن فرق بينهما أوجب للعظام الحس ، ولم يوجب للشعر .

وفي حس العظام اختلاف ، والامر مختلف فيه بين الاطباء .

ومما يدل على أن التغذي ، والنمو ليسا هما الحياة التي يطلق على عدمها اسم الميتة أن الجميع قد اتفقوا على أن ما قطع من البهيمة وهي حية أنه ميتة لورود ذلك في الحديث وهو قوله عليه الصلاة والسلام : ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة .

واتفقوا على أن الشعر إذا قطع من الحي أنه طاهر ، ولو انطلق اسم الميتة على من فقد التغذي ، والنمو لقيل في النبات المقلوع إنه ميتة ، وذلك أن النبات فيه التغذي الموت هو التغذي الموجود في الحساس .

المسألة الثالثة : اختلفوا في الانتفاع بجلود الميتة ، فذهب قوم إلى الانتفاع بجلودها مطلقا .

دبغت أو لم تدبغ ، وذهب قوم إلى خلاف هذا ، وهو ألا ينتفع به أصلا ، وإن دبغت وذهب قوم إلى الفرق بين أن تدبغ ، وألا تدبغ ، ورأوا أن الدباغ مطهر لها ، وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة وعن مالك في ذلك روايتان : إحداهما : مثل قول الشافعي .

والثانية : أن الدباغ لا يطهرها .

ولكن تستعمل في اليابسات .

اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 1  صفحة : 67
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست